سلمنا امتناع التعليل بالحدوث ؛ ولكن لا يلزم منه أن يكون الوجود علة مصححة للرؤية ؛ لأن الوجود المشترك عند القائل به حال ؛ والحال لا (١) يصح أن تكون (١) علة على أصلكم.
سلمنا إمكان التعليل بالوجود ، ولكن مشروطا / بالحدوث ، أو لا مشروطا بالحدوث (٢). الأول : مسلم. والثانى : ممنوع.
والحدوث وإن كان عدما ، فلا يمتنع أن يكون شرطا في الصحة ؛ فإن انتفاء أحد الضدين عن المحل شرط لصحة اتصاف المحل بالضد الآخر ، وإن لم يكن علة له.
سلمنا أنه غير مشروط بالحدوث ؛ ولكن إنما يصح التعليل بالوجود أن لو لم يدل الدليل على امتناعه.
وبيان امتناع التعليل به هو أنه لا يخلو : إما أن يكون علة لرؤية نفس الوجود ، أو للماهية التى هو صفة لها لا غير ، أو لمجموع الأمرين.
فإن كان الأول : وجب أن لا يكون المدرك من السواد ، والبياض غير الوجود المشترك بينهما ، وأن لا يدرك التفرقة بينهما ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : وجب أن لا يكون البارى ـ تعالى ـ مرئيا ؛ إذ لا ماهية له خارجة عن وجوده ، كما سبق.
وإن كان الثالث : فيلزم (٣) منه أنا إذا رأينا السواد مثلا : أن ندرك التفرقة بالبصر بين وجوده ، وماهيته ؛ وهو محال.
وأيضا : فإنه لو كان الوجود هو المصحح للرؤية ؛ لكانت (٤) الطعوم ، والروائح مرئية ؛ لكونها موجودة ؛ والضرورة تشهد بخلافه.
__________________
(١) فى ب (لا تكون).
(٢) فى ب (به).
(٣) ساقط من ب.
(٤) فى ب (لما كانت).