• الفهرس
  • عدد النتائج:

في الظاهر ، لا تدرك حركتها بالبصر ، ولكن بالبصيرة ، ولقد أحسن من وصفها بقوله فيها :

أحلام نوم أو كظلّ زائل

إن اللبيب بمثلها لايخذل

وكان الحسن بن علي عليهما‌السلام يتمثل :

يا أهل لذات دنيا لابقاء لها

إن اغتراراً بظل زائل حمق

فينبغي للعاقل أن يفرغ نفسه للتفكرفي طريق الخلاص من الهلكة ، فيتحرى سبل النجاة من أفعال الخير ، والتوبة والندم على الذنوب ، والعزم على ترك العود إليها ، والصبرعلى بلاء الله ، والرضى بقضاء الله ، والتسليم لأمره ، والشكر لنعمائه ، والخوف والرجاء له ، والزهد في الدنيا ، والاخلاص في العمل ، والصدق في القول ، والجد في الطاعات ، ويفكر كل يوم في قلبه ، فينظرإلى الذي يقرّبه من هذه الصفات الجميلة فيتحلى به ، وإلى ما يباعد صفتها فيتجافى عنه ، ورأس ذلك التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والتزود لسكنى القبور ، والتأهب ليوم النشور.

ثم لينظر في ايات الوعد والوعيد ، والتشديد الذي ورد والترغيب ، فيتحقق عند نفسه ذلك ، فيزداد خوفاً من الله ورغبة إليه ، وإذا أراد أن يتبين له حال الشكر فلينظر في إحسان الله إليه ، وإذا أراد أن يشتد خوفه فلينظر في ذنوبه ويتذكّرها ، ثم ينظر في الموت وكربته ، والقبر ووحشته ، واللحد وضغطته ، ومساءلة القبر ودهشته ، ومنكر ونكير ونهرتهما ، وفي هول النداء عند نفخة الصور ، وهول المحشر ، وجمع الخلائق في صعيد واحد ، ليوم تشيب فيه الصغار ، ويسكر الكبار ، وتضع كل ذات حمل حملها ، ثم في مناقشة الحساب على الفتيل (١) والنقير (٢) والقطمير (٣) والذرة (٤) والخردلة (٥) ، وكتاب الله الذي لايغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها.

__________________

١ ـ الفتيل : مايكون في شق النواة ، ويقال : هو ما يفتل بين الاصبعين من الوسخ. « الصحاح ـ فتل ـ ٥ : ١٧٨٨ ».

٢ ـ النقير : فسره ابن عباس بأن وضع طرف إبهامه على باطن سبابته ثم نقرها. « النهاية ـ نقر ـ ٥ : ١٠٤ ».

٣ ـ القطمير : النكتة البيضاء التي في ظهر النواة. « لسان العرب ـ قطمر ـ ٥ : ١٠٨ ».

٤ ـ الذرة : جمعها الذر ، وهو صغار النمل. « لسان العرب ـ ذرر ـ ٤ : ٣٠٤ ».

٥ ـ الخردل : حَبُ شجرصغيرجداً. انظر « القاموس المحيط ـ خردل ـ ٣ : ٣٦٧ ».