فيها دلالة على خلافة أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ؛ لأنه لم يستخلف أحدا ممّن خوطب بهذه الآية غيرهم ؛ لأن هذه الآية نزلت قبل فتح مكة.

وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «الخلافة بعدي ثلاثون» (١) هذا للآية (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) وعاصم يقرأ : (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ) مخففا ، وحكى محمد بن الجهم عن الفراء قال(٢) :

قرأ عاصم والأعمش : (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ) مشددة ، وهذا غلط على عاصم وقد ذكرنا بعده غلطا أشدّ منه ، وهو أنه حكى عن سائر الناس التخفيف. قال أبو جعفر : زعم أحمد بن يحيى أن بين التخفيف والتثقيل فرقا وأنّه يقال : بدلته أي غيرته وأبدلته أنزلته ، وجعلت غيره. قال أبو جعفر : وهذا القول صحيح ، كما تقول : أبدل لي هذا الدرهم ، أي أزله وأعطني غيره ، وتقول : قد بدّلت بعدنا أي غيرت غير أنه قد يستعمل أحدهما في موضع الآخر ، والذي ذكر أكثر (يَعْبُدُونَنِي) في موضع نصب على الحال ، ويجوز أن يكون مستأنفا في موضع رفع.

(لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) مفعولان ، وقرأ حمزة لا يحسبنّ (٣)

الذين كفروا معجزين في الأرض (٤) قال أبو جعفر : وما علمت أحدا من أهل العربيّة واللغة بصريا ولا كوفيّا وإلّا وهو يحظر أن تقرأ هذه القراءة. فمنهم من يقول هي لحن لأنه لم يأت إلّا بمفعول واحد ليحسبن ، وممن قال هذا أبو حاتم. وقال الفراء (٥) : هو ضعيف وأجازه على ضعفه على أنه يحذف المفعول الأول. والمعنى عنده : لا يحسبنّ الذين كفروا إيّاهم معجزين في الأرض ، ومعناه لا يحسبنّ أنفسهم معجزين في الأرض.

ورأيت أبا إسحاق يذهب إلى هذا القول أعني قول الفراء وسمعت علي بن سليمان يقول في هذه القراءة : ويكون «الذي» في موضع نصب قال : ويكون المعنى : لا يحسبنّ الكافر الذين كفروا معجزين في الأرض.

__________________

(١) أخرجه الترمذي في سننه ٩ / ٧٠ ، وأبو داود في سننه الحديث رقم (٦٤٦).

(٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٣١ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٤٥٩.

(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٥٨.

(٤) انظر تيسير الداني ١٣٢ ، وهذه قراءة ابن عامر أيضا.

(٥) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٥٩.