(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (١٣٦)

(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) ابتداءان. (وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) نسق. (خالِدِينَ) على الحال.

(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (١٣٧)

(قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ) السنّة في كلام العرب الطريق المستقيم وفلان على السنّة أي على الطريق المستقيم لا يميل إلى شيء من الأهواء.

(وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١٣٩)

(وَلا تَهِنُوا) نهي ، والأصل : توهنوا حذفت الواو لأن بعدها كسرة فأتبعت يوهن. (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) ابتداء وخبر وحذفت الواو لالتقاء الساكنين لأن الفتحة تدلّ عليها.

(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (١٤٠)

(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) وقرأ الكوفيون (قَرْحٌ) (١) وقرأ محمد اليماني (قَرْحٌ) (٢) بفتح الراء. قال الفراء (٣) : كأن القرح ألم الجراح وكأن القرح الجراح بعينها ، وقال الكسائي والأخفش : هما واحد. قال أبو جعفر : هذا مثل فقر وفقر فأمّا القرح فهو مصدر قرح يقرح قرحا. (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) قيل : هذا في الحرب تكون مرّة للمؤمنين لينصر الله دينه وتكون مرّة للكافرين إذا عصى المؤمنون ليبتليهم الله وليمحّص ذنوبهم. وقيل : معنى نداولها بين الناس من فرح وغمّ وصحّة وسقم لنكد الدنيا وفضل الآخرة عليها. (وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) وحذف الفعل أي وليعلم الله الّذين آمنوا داولها. (وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) أي ليقتل قوم فيكونوا شهداء يوم القيامة على الناس بأعمالهم فقيل لهذا شهيد. قيل : إنّما سمّي شهيدا لأنه مشهود له بالجنّة.

(وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ) (١٤١)

(وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) نسق أيضا وفي معناه ثلاثة أقوال قيل : يمحّص يختبر،

__________________

(١) انظر معاني الفراء ١ / ٢٣٤ ، والبحر المحيط ٣ / ٦٨ ، وهذه قراءة أبي بكر والأعمش أيضا.

(٢) انظر المحتسب ١ / ١٦٦ ، والبحر المحيط ٣ / ٦٨ ، وهذه قراءة أبي السمال وابن السميفع.

(٣) انظر معاني الفراء ١ / ٢٣٥.