• الفهرس
  • عدد النتائج:

«وقد كثر في الناس اليوم ممن يخفى عليه هذا التواتر ويجهله ويبعده عن صراط العلم جهله ويضلّه من ينكر ظهور المهدي وينفيه ويقطع بضعف الأحاديث الواردة فيه مع جهله بأسباب التضعيف وعدم إدراكه معنى الحديث الضعيف وتصوّره مبادي هذا العلم الشريف وفراغ جرابه من أحاديث المهدي الغنيّة بتواترها عن البيان لحالها والتعريف ، وإنّما استناده في إنكاره مجرد ما ذكره ابن خلدون في بعض أحاديثه من العلل المزوّرة المكذوبة ولمز به ثقات رواتها من التجريحات الملفّقة المقلوبة مع أنّ ابن خلدون ليس له في هذه الرحاب الواسعة مكان ، ولا ضرب له بنصيب ولا سهم في هذا الشأن ، ولا استوفى منه بمكيال ولا ميزان فكيف يعتمد فيه عليه ويرجع في تحقيق مسائله إليه. فالواجب دخول البيت من بابه ، والحقّ الرجوع في كلّ فنّ إلى أربابه فلا يقبل تصحيح أو تضعيف إلّا من حفّاظ الحديث ونقّاده :

فاعن به ولا تخض بالظنّ

ولا تقلّد غير أهل الفنّ

ولمّا لم أر أحدا تصدّى للرد عليه فيما علمت ولا بلغني ذلك عن أحد فيما رويت وسمعت بعثني باعث الغيرة الدينية الأثرية ، وحثّني فضل الانتصار والذّب عن السنّة النبويّة على أن أدحض حججه الباطلة وأردّ شبهه الفاسدة العاطلة ، فكتبت على ضعف في الاستعداد وقلّة من الموادّ هذه الرسالة (١) ، واختطفت من بين أنياب العوائق هذه العجالة بعد أن فهمت مراميه وتدبّرت كلامه ، فإذا هو مموّه بشبه واهية يعارض بعضها بعضا ؛ مركّب من مقدمات وهميّة موهمة تناقض نتائجها نقضا ؛ مؤلف من مغالطات يخيّل للناظر أنها حجج قوية ترفض النزاع رفضا ؛ محشوّ بتعسفات تغض من صاحبها غضا ، ومجازفات تحط من قدره وتنقص منه طولا وعرضا ..».

__________________

(١) ويقصد بها كتابه المسمّى «إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون» أو «المرشد المبدي لفساد طعن ابن خلدون في أحاديث المهدي» فليراجع ص ٤٤٣.