• الفهرس
  • عدد النتائج:

الغيبة ، وليس هذا بنسخ لإقامة الحدود ، لأن الحدّ إنما يجب إقامته مع التمكن وزوال الموانع ، ويسقط مع الحيلولة ، وإنما يكون مع ذلك نسخا لو سقط فرض إقامة الحدّ مع التمكن وزوال الأسباب المانعة. ثم يقلب هذا على العامة أصحاب الشّبهة ، فيقال لهم : كيف قولكم في الحدود التي تستحقها الجناة في الأحوال التي لا يتمكن فيها أهل الحل والعقد من اختيار الإمام ونصبه؟ فأي شيء قالوه في ذلك قلنا مثله.

هذا مضافا إلى أننا نسأل أصحاب الشبهة : كيف لا تقيمون الأحكام والحدود في وقتنا الحاضر مع أنكم لا تعتقدون بوجود الإمام عليه‌السلام ، فهل غيابه واستتاره هو المانع لكم من ذلك مع عدم اعتقادكم بوجوده ، أم أن المانع هو جهات خارجية اقتضت عدم القدرة على إقامة ما ذكرتم؟ فلا شك أن المانع عندكم هو الثاني ، وعليه فيتحقق مطلوبنا وهو أن المانع ليس غيابه وإنّما تصرفات العباد القبيحة فلا ملازمة حينئذ بين غيابه وسقوط الحدود عن الجناة.

الشبهة التاسعة :

إن الشيعة الإمامية يناقضون أنفسهم من حيث اعتقادهم بوجوب الإمامة وقولهم بشمول المصلحة للأنام بوجود الإمام وظهوره وأمره ونهيه وتدبيره ، واستشهادهم على ذلك بحكم العادات في عموم المصالح بنظر السلطان العادل وتمكّنه من البلاد والعباد ، وفي نفس الوقت يقول الشيعة إن الله تعالى قد أباح للإمام الغيبة عن الخلق ، وسوّغ له الاستتار عنهم ، وأن ذلك هو المصلحة وصواب التدبير للعباد ، وهل هذا إلا التناقض الواضح الذي لا يقرّه العقل والدين؟.

والجواب :

إن الشبهة المذكورة انطلت على المخالف واستولت عليه لبعده عن سبيل الاعتبار ووجود الصلاح وأسباب الفساد ، وذلك أن المصالح تختلف باختلاف الأحوال ، ولا تتفق مع تضادّها ، بل يتغير تدبير الحكماء في حسن النظر