سبحانه وتعالى لها تأويل وجيه يناسب القواعد والأصول العقلية والشرعية مع التأكيد على وجود آيات صريحة تفيد حرية الاختيار للإنسان ، وكونه قادرا على الهداية ونقيضها.
ولكي نفهم الآيات التي ظاهرها نسبة الضلال إليه تعالى علينا أن نوضح أقسام الهداية والضلال ، فنقول :
إن الاستقراء اللغوي والاصطلاحي يشير إلى معان عدة للضلالة هي ما يلي :
ـ المعنى الأول للضلالة :
هو التخلية على وجه العقوبة ، وترك المنع والقهر ومنع الألطاف التي تفعل بالمؤمنين جزاء على إيمانهم ، وسبب المنع ليس من الله سبحانه وتعالى ، وإنما سببه الإنسان حيث منع اللطف من الوصول إليه ، فيكون بذلك قد أضلّ نفسه عن الطريق الصحيح ، وهذا كمن يقال بحق من لا يصلح سيفه أنه «أفسده» ، بمعنى أنه لم يحدث فيه الإصلاح في كل وقت بالصقل والتّسنين.
أمّا المعنى الثاني للضلال :
فهو الإهلاك والعذاب والتدمير ، ومنه قوله تعالى : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ)(١).
وقوله تعالى : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٢).
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) (٣) أي لم ولن يبطل أعمالهم.
وأمّا المعنى الثالث للضلال :
__________________
(١) سورة القمر : ٤٧.
(٢) سورة السجدة : ١٠.
(٣) سورة محمد : ٤.