الوداع الأخير ـ الوداع :
الوفاء :
هذه الخصلة من أولويات معجم عاشوراء ولها في قاموس الشهداء مكانة رفيعة. والوفاء معناه التمسك بالعهد والثبات على الميثاق والعمل بالواجب الانساني والاسلامي في ازاء شخص آخر وخاصّة الامام ، وهي من اشرف الخصال ودليل على المروءة. قال علي عليهالسلام : «اشرف الخلائق الوفاء».
كان عاشوراء ساحة وفاء من جهة ، وغدر من جهة اخرى. فالحسين عليهالسلام لما تناهى إليه وهو في طريقه الى الكوفة خبر مقتل مبعوثه قيس بن مسهّر ، تلا الآية الشريفة : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (١) ، واثنى على وفائه.
وفي ليلة عاشوراء اثنى الحسين على اصحابه بقوله : «لا اعلم اصحابا أوفى ولا خيرا من اصحابي ...» واذن لهم بالانصراف ، لكنهم تحدثوا بين يديه عدّة مرّات معلنين عن استعدادهم للوفاء والبذل والنصرة. ورفض العباس بن علي عليهالسلام كتاب الأمان الذي جاءوه به ، ولم يترك اخاه وحيدا. ودخل نهر الفرات ظمآنا ولم يطعم ماءه لما تذكر عطش الحسين وعياله.
وعلى الضد من موقف أهل الكوفة الذين كتبوا الى الحسين يدعونه ، ولما جاءهم هبّوا لقتاله ، وقف آخرون على العهد وضحوا بانفسهم فداء للحسين ، وهم الذين اشارت إليهم الزيارة : «السلام على الارواح التي حلت بفنائك» (٢).
أشار الحسين في خطبه وكلماته على طول الطريق الى غدر وخذلان وغرور ونكث أهل الكوفة ونقضهم العهد وخلعهم البيعة وعاب فيهم هذه الصفات.
أما الحسين عليهالسلام فقد وفي بعهده مع ربّه. وكثيرا ما تطالعنا الزيارات
__________________
(١) الاحزاب : ٢٣.
(٢) مفاتيح الجنان ، زيارة عاشوراء : ٤٥٨.