وسيرته الظالمة التي عرفها القاصي والداني ، اخرج أهل المدينة عامله عليهم وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان وسائر بني أميّة. ونمى فعل أهل المدينة ببني أميّة وعامل يزيد الى يزيد ، فسير إليهم بالجيوش من أهل الشام عليهم مسلم بن عقبة الفهري (١) ، ولما انتهى الجيش الى الموضع المعروف بالحرّة هجم على المدينة وبالغ في قتل اهلها ونهبها واستباحها ثلاثة ايام حتّى سمي ب «مسرف بن عقبة» ، فلاذ الناس بقبر الرسول لكن جيش الشام ما راعى لقبر الرسول حرمته ودخلوه بخيلهم وقتلوا الناس فيه. وقد قتل في هذه الواقعة خلق عظيم من الناس ، وقتل فيها أيضا عبد الله بن جعفر ، وواقعة الحرة هذه حدثت في ٢٨ ذي الحجة عام ٦٣ ومات يزيد بعدها بشهرين ونصف (٢).
تسمى هذه الثورة أيضا بواقعة الحرّة أو حرّة واقم أو ثورة المدينة وتعد من جملة افرازات واقعة عاشوراء ، ونتيجة لما قام به أهل البيت من فضح لحقيقة يزيد والامويين وإقامتهم المآتم على استشهاد الحسين ، ومواقف العقيلة زينب.
الحرّة هي الارض ذات حجارة سوداء نخرة كأنها احرقت بالنار ، وتنتشر في عدة اماكن منها قرب المدينة ، ولكن واحدة من هذه الحجرات اسمها الخاص. ولا زالت بعضها موجودة قرب المدينة (٣).
ـ معطيات ثورة عاشوراء
الوداع :
كلمات تلفظ عند السفر ومفارقة الأحباب. وفي واقعة الطف جاء الوداع في مواضع عديدة. فبعد موت معاوية رأى الإمام اصرار والي المدينة على اخذ البيعة منه ليزيد ، فعزم على الخروج من المدينة وذهب أولا لزيارة قبر النبي وتوديعه
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٦٩.
(٢) منتهى الآمال ٢ : ٣٥.
(٣) دائرة المعارف الاسلامية ٧ : ٣٦٣.