• الفهرس
  • عدد النتائج:

ثم قال للمرأة : رحمك الله ، وجزاك خيرا ، اعلمي أني ابتليت من قبل ابنك ، فافتحي الباب ففتحته ، وخرج مسلم في وجوه القوم كالأسد المغضب ، فجعل يضاربهم بسيفه حتى قتل جماعة ، وبلغ ذلك ابن زياد ، فأرسل إلى محمد بن الأشعث : سبحان الله ، أبا عبد الرحمن! بعثناك إلى رجل واحد لتأتينا به ، فثلم من أصحابك ثلمة عظيمة ، فأرسل إليه محمد ابن الأشعث : أيها الأمير! أتظن أنك بعثتني إلى بقال من بقاقيل الكوفة أو جرمقاني من جرامقة الحيرة ، أفلا تعلم أيها الأمير أنك بعثتني إلى أسد ضرغام ؛ وبطل همام ؛ في كفه سيف حسام ، يقطر منه الموت الزؤام؟ فأرسل إليه ابن زياد : أن اعطه الأمان فانّك لن تقدر عليه إلّا بالأمان المؤكد بالايمان.

فجعل محمد بن الأشعث يناديه : ويحك ، يا بن عقيل! لا تقتل نفسك ، لك الأمان ، فيقول مسلم : لا حاجة لي في أمان الغدرة الفجرة وينشد :

أقسمت لا اقتل إلّا حرّا

وإن رأيت الموت شيئا مرّا

كل امرئ يوما ملاق شرّا

ردّ شعاع النفس فاستقرّا

أضربكم ولا أخاف ضرّا

ضرب همام يستهين الدهرا

ويخلط البارد سخنا مرّا

ولا اقيم للأمان قدرا

أخاف أن اخدع أو اغرّا

فناداه محمد بن الأشعث : ويحك ، يا مسلم! إنّك لن تغر ، ولن تخدع والقوم ليسوا بقاتليك ، فلا تقتل نفسك ، فلم يلتفت إليه ، فجعل يقاتلهم حتى اثخن بالجراح ، وضعف عن الكفاح ، وتكاثروا عليه من كل جانب ، وجعلوا يرمونه بالنبل والحجارة. فقال مسلم : ويلكم ، مالكم