يكفي جماعة فيشربه ويضطجع هنيئة ثم يقول : اسقوني قتلني الظمأ ، فما زال كذلك حتى انقدت بطنه انقداد بطن البعير. ذكر ذلك الطبري وابو الفرج بن عبد الرحمن الجوزي وابن الأثير في الكامل بتفاوت يسير وغيرهم.

ثم ان الحسين عليه‌السلام رجع الى مكانه وقد اشتد به العطش وأحاط القوم بالعباس فاقتطعوه عنه ، فجعل العباس عليه‌السلام يقاتلهم وحده حتى قتل ، وكان المتولي لقتله زيد بن ورقاء الحنفي وحكيم بن الطفيل السنبسي بعد ان اثخن بالجراح فلم يستطع حراكا ، فبكى الحسين عليه‌السلام لقتله بكاء شديدا.

ثم ان الحسين عليه‌السلام دعا الناس الى البراز فلم يزل يقتل كل من برز اليه حتى قتل مقتلة عظيمة ، ثم حمل على الميمنة وهو يقول :

القتل اولى من ركوب العار

والعار اولى من دخول النار

والله ما هذا وهذا جاري

ثم حمل على الميسرة وهو يقول :

انا الحسين بن علي

آليت ان لا انثني

أحمي عيالات ابي

أمضي على دين النبي

ولما بقي الحسين عليه‌السلام في ثلاثة او أربعة من أصحابه ، وفي رواية ثلاثة رهط من أهله قال : ابغوني ثوبا لا يرغب فيه أحد أجعله تحت ثيابي لئلا اجرد منه بعد قتلي فاني مقتول مسلوب ، فأتي بتبان قال : لا ذاك لباس من ضربت عليه الذلة ولا ينبغي لي ان ألبسه ، وفي رواية انه قال : هذا لباس اهل الذمة ، فأخذ ثوبا خلقا فخرقه وجعله تحت ثيابه ، وفي رواية انه اتي بشيء اوسع منه دون السراويل وفوق التبان فلبسه ، فلما قتل جردوه منه.