• الفهرس
  • عدد النتائج:

كالصحب والركب ، ويجوز أن يكون تمثيلا لتسلطه على من يغويه بمغوار صوت على قوم فاستفزهم من أماكنهم وأجلب عليهم بجنده حتى استأصلهم. وقرأ حفص (وَرَجِلِكَ) بالكسر وغيره بالضم وهما لغتان كندس وندس ومعناه : وجمعك الرجل. وقرئ «ورجالك» «ورجالك». (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام والتصرف فيها على ما لا ينبغي. (وَالْأَوْلادِ) بالحث على التوصل إلى الولد بالسبب المحرم ، والإشراك فيه بتسميته عبد العزيز ، والتضليل بالحمل على الأديان الزائغة والحرف الذميمة والأفعال القبيحة. (وَعِدْهُمْ) المواعيد الباطلة كشفاعة الآلهة والاتكال على كرامة الآباء وتأخير التوبة لطول الأمل. (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) اعتراض لبيان مواعيده الباطلة ، والغرور تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب.

(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً)(٦٥)

(إِنَّ عِبادِي) يعني المخلصين ، وتعظيم الإضافة والتقييد في قوله : (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) يخصصهم (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أي على إغوائهم قدرة. (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) يتوكلون عليه في الاستعاذة منك على الحقيقة.

(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (٦٦) وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً)(٦٧)

(رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي) هو الذي يجري. (لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) الريح وأنواع الأمتعة التي لا تكون عندكم. (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) حيث هيأ لكم ما تحتاجون إليه وسهل عليكم ما تعسر من أسبابه.

(وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) خوف الغرق. (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ) ذهب عن خواطركم كل من تدعونه في حوادثكم. (إِلَّا إِيَّاهُ) وحده فإنكم حينئذ لا يخطر ببالكم سواه فلا تدعون لكشفه إلا إياه ، أو ضل كل من تعبدونه عن إغاثتكم إلا الله. (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ) من الغرق. (إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) عن التوحيد. وقيل اتسعتم في كفران النعمة كقول ذي الرمة :

عطاء فتى تمكّن في المعالي

فأعرض في المكارم واستطالا

(وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) كالتعليل للإعراض.

(أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً)(٦٨)

(أَفَأَمِنْتُمْ) الهمزة فيه للإنكار والفاء للعطف على محذوف تقديره : أنجوتم فأمنتم فحملكم ذلك على الإعراض ، فإن من قدر أن يهلككم في البحر بالغرق قادر أن يهلككم في البر بالخسف وغيره. (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) أن يقلبه الله وأنتم عليه ، أو يقلبه بسببكم فبكم حال أو صلة ليخسف ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالنون فيه وفي الأربعة التي بعده ، وفي ذكر الجانب تنبيه على أنهم لما وصلوا الساحل كفروا وأعرضوا وأن الجوانب والجهات في قدرته سواء لا معقل يؤمن فيه من أسباب الهلاك. (أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً) ريحا تحصب أي ترمي بالحصباء (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) يحفظكم من ذلك فإنه لا راد لفعله.

(أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً)(٦٩)