• الفهرس
  • عدد النتائج:

وقيل عائشا غلام حويطب بن عبد العزى قد أسلم وكان صاحب كتب. وقيل سلمان الفارسي. (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌ) لغة الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة إليه ، مأخوذ من لحد القبر. وقرأ حمزة والكسائي يلحدون بفتح الياء والحاء ، لسان أعجمي غير بين. (وَهذا) وهذا القرآن. (لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) ذو بيان وفصاحة ، والجملتان مستأنفتان لإبطال طعنهم ، وتقريره يحتمل وجهين أحدهما : أن ما سمعه منه كلام أعجمي لا يفهمه هو ولا أنتم والقرآن عربي تفهمونه بأدنى تأمل ، فكيف يكون ما تلقفه منه. وثانيهما : هب أنه تعلم منه المعنى باستماع كلامه لكن لم يتلقف منه اللفظ ، لأن ذلك أعجمي وهذا عربي والقرآن كما هو معجز باعتبار المعنى فهو معجز من حيث اللفظ ، مع أن العلوم الكثيرة التي في القرآن لا يمكن تعلمها إلا بملازمة معلم فائق في تلك العلوم مدة متطاولة ، فكيف تعلم جميع ذلك من غلام سوقي سمع منه في بعض أوقات مروره عليه كلمات أعجمية لعلهما لم يعرفا معناها ، وطعنهم في القرآن بأمثال هذه الكلمات الركيكة دليل على غاية عجزهم.

(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ لا يَهْدِيهِمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤) إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ)(١٠٥)

(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) لا يصدقون أنها من عند الله. (لا يَهْدِيهِمُ اللهُ) إلى الحق أو إلى سبيل النجاة. وقيل إلى الجنة. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة ، هددهم على كفرهم بالقرآن بعد ما أماط شبهتهم ورد طعنهم فيه ، ثم قلب الأمر عليهم فقال :

(إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ) لأنهم لا يخافون عقابا يردعهم عنه. (وَأُولئِكَ) إشارة إلى الذين كفروا أو إلى قريش. (هُمُ الْكاذِبُونَ) أي الكاذبون على الحقيقة ، أو الكاملون في الكذب لأن تكذيب آيات الله والطعن فيها بهذه الخرافات أعظم الكذب ، أو الذين عادتهم الكذب لا يصرفهم عنه دين ولا مروءة ، أو الكاذبون في قولهم : (إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ) ، (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ).

(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١٠٦)

(مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ) بدل من الذين لا يؤمنون وما بينهما اعتراض ، أو من (أُولئِكَ) أو من (الْكاذِبُونَ) ، أو مبتدأ خبره محذوف دل عليه قوله : (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) ويجوز أن ينتصب بالذم وأن تكون من شرطية محذوفة الجواب دل عليه قوله : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) على الافتراء أو كلمة الكفر ، استثناء متصل لأن الكفر لغة يعم القول والعقد كالإيمان. (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) لم تتغير عقيدته ، وفيه دليل على أن الإيمان هو التصديق بالقلب. (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) اعتقده وطاب به نفسا. (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) إذ لا أعظم من جرمه. روي (أن قريشا أكرهوا عمارا وأبويه ياسرا وسمية على الارتداد ، فربطوا سمية بين بعيرين وجيء بحربة في قبلها وقالوا : إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت ، وقتلوا ياسرا وهما أول قتيلين في الإسلام ، وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقيل : يا رسول الله إن عمارا كفر فقال : كلا إن عمارا ملئ إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه ، فأتى عمار : رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو يبكي ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمسح عينيه ويقول : ما لك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت. وهو دليل على جواز التكلم بالكفر عند الإكراه وإن كان الأفضل أن يتجنب عنه إعزازا للدين كما فعله أبواه لما روي (أن مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما : ما تقول في محمد؟ قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : فما تقول فيّ ؛ فقال : أنت أيضا فخلاه ، وقال للآخر ما تقول في محمد قال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قال فما تقول في؟ قال : أنا أصم ، فأعاد عليه