وبعد تمام تسوية جسد آدم ، نفخ الله فيه الروح فصار بشرا سويا. فيقول جل جلاله ، (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) [الحجر : ٢٩]. ومفهوم هنا أن سجود الملائكة لآدم كان سجود تكريم لا سجود عبادة.

أين خلق آدم؟

يخبرنا الحديث النبوى الشريف أنه سبحانه وتعالى خلق آدم من تراب هذه الأرض وفيها. ولكن فى أى مكان فى هذا العالم ، هنا تتراوح أقوال المفكرين وظنونهم ، فمن قائل إنه خلق فى الهند ، ومن قائل إنه خلق فى بلاد النهرين. ولكن الحقيقة المؤكدة هى أن أحدا من الناس لم يشهد خلق آدم ، فكيف يتحدث البشر فيما لم يشاهدوه.

ولكن روى حديث نبوى يخبرنا أن الله تعالى خلق آدم على جبل عرفات. ففى الحديث الذى يرويه الإمام أحمد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان ، يعنى عرفة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قائلا : ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ، أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين».

جنة آدم

ينتهى بنا هذا الحديث النبوى الشريف ـ إذا صح ـ إلى حقيقة ساطعة هى أن الجنة التى أسكنها الله آدم وزوجه ، وأمر فيها الملائكة بالسجود لأبى البشر ، والتى وسوس فيها إبليس ، كانت حديقة فى الأرض لها أوصافها التى جاءت فى القصة. وهذا هو القول الذى ذهب إليه غالبية المفسرين ، واحتجوا فى ذلك بعدة أشياء منها أنه لو كانت جنة الخلد لما أكل آدم من الشجرة رجاء أن يكون من الخالدين ، وأن جنة الخلد لا كذب فيها وقد كذب فيها إبليس ، ثم إن من يدخل الجنة لا يخرج منها ، وآدم وامرأته قد خرجا منها. إضافة إلى ذلك ؛ فإن جنة الخلد لا يسمح الله