• الفهرس
  • عدد النتائج:

إنّما تخرج من القلب ، وتتفرّع أحكامها وتنفذ في الجوارح ، ثم إلى غيرها بحسب وجوه القلب الآتي ذكرها ، وبحسب ما اتّصف به القلب حال الشروع من الصفات المتعيّنة فيه من غيب الذات ، والظاهرة الغلبة عليه بواسطة إصبعي الرحمن أو اللمّتين أو ما نزل عنهما من الأحكام الروحانيّة والنفسانيّة والطبيعيّة ، جهل تعيّن (١) حكم كلّ من ذلك أو عرف.

والبواعث والأحكام للوجوه (٢) القلبيّة بأجمعها ـ على اختلاف مراتبها ما عدا الوجه الخاصّ ـ غايتها أحد أمرين : إمّا جلب المنافع ، أو دفع المضارّ عاجلا و (٣) آجلا ، صورة ومعنى ، جمعا أو فرادى ، بتعمّل أو بدونه ، كما سبق التنبيه عليه ، لكن تحت ما ذكرنا أقسام دقيقة لا يعرفها إلّا الأكابر ، من جملتها أنّ بعض الأعمال قد يكون حجابا على أحد الأصلين المذكورين ، ويقصد من العامل وبدونه ، بمعنى أنّه قد يصدر من بعض الناس عمل مّا ، فيصير حجابا مانعا من وصول بعض الشرور إليه ، أو وصول خير لو لا ذلك الحجاب ، لحصل لصاحب العمل ، وقد يعلم العامل ذلك ، وقد لا يعلمه ، وقد يعلم فيما بعد.

وللجزاء أيضا رتبتان كلّيّتان : إحداهما : تقتضي سرعة المجازاة في الدنيا ، وعدم تخلّف الجزاء عن الفعل خيرا كان أو ضدّه. والرتبة الأخرى : قد تقتضي تخلّف (٤) الجزاء وتأخيره (٥) إلى أجل معلوم عند الله في الآخرة ، كما نبّه عليه من قبل وعلى بعض ما يختصّ به من الأحكام والأسرار.

فمن الجزاء الخاصّ في الخير المنبّه عليه في الإخبارات النبويّة هو أنّ اتّفاق الكلمة والجمعيّة قرن بينهما (٦) درّ الرزق واستقامة الحال في الدنيا ، وإن كان القوم الذين هذا شأنهم أهل فسوق. وفي رواية أخرى «صلة الرحم». (٧) وفي (٨) أخرى «الدوام على الطهارة». وفي أخرى جمع فقال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزي بها في الآخرة». وأمّا الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا ، فإذا أفضي

__________________

(١) ق : تعيين.

(٢) ق : أحكام الوجوه.

(٣) ق : أو.

(٤) ق ، ه : بتخلّف.

(٥) ق : تأخّره.

(٦) ق : بهما.

(٧) جامع الصغير ، ج ٢ ، ص ٤٤.

(٨) ق : أيضا وفي.