والممكنات المذكور شأنهما ؛ والسرّ الجامع بينهما ـ وهو الإنسان وله حكم ينفرد به ـ سنقصّ عليك من حديثه ما شاء الله تعالى.
والذات من حيث نسبة الغنى وعدم التعلّق والمناسبة فلا كلام فيها ، كما قد علمته فيما (١) سلف ، والمسمّى معوّقا هو حكم بعض الأعيان في البعض ، ظهر بالحقّ على نحو خاصّ فيه كماله أيضا ، ككمال غيره في سوى ذلك.
وهكذا الأمر في النقائص والحجب والآلام ، فافهم. ونتيجة الكمالين ما ذكرنا ، والغاية الكلّيّة ما ينتهي إليه كلّ موجود من الأمر والحال الذي يستقرّ عليه ، ويدوم حكمه من الوجه الكلّي في أيّ مرتبة وموطن وصورة كان ، لا التفصيليّ ؛ إذ ليس للتفصيل غاية إلّا بالنسبة والفرض ، فاعلم ذلك وتدبّر ما تضمّنته هذه القاعدة ، فلقد نبّهت فيها على أسرار شتّى من أسرار الأسماء بألسنة مختلفة ، بعضها أعلى من بعض ، والسرّ الأكبر لا تظفر به إلّا مبثوثا إن عملت بمقتضى ما وصّيت به في أوّل الكتاب والله وليّ الإرشاد.
باب
يتضمّن سرّ البدء والإيجاد ، وسرّ الوحدة والكثرة ، والغيب والشهادة ، والجمع والتفصيل ومقام الإنسان الكامل ، وسرّ الحبّ وأحكامه ، وسرّ بسم الله الرحمن الرحيم من بعض الوجوه ، وغير ذلك ممّا ستقف عليه ـ إن شاء [الله] تعالى ـ وإذ قد بيّنّا من سرّ العلم والكلام ومراتبهما وأحكامهما وما يختصّ بهما من اللوازم كأدوات التفهيم والتوصيل ، وسرّ الأسماء ومراتب التميّز ، وغير ذلك ما يسّر ذكره مع ما وقع في أثناء الكلام عليها وقبل ذلك من الأسرار التي قدّر الحقّ إبرازها وبيانها ، فلنذكر النتائج ، وثمرات الأصول ، وما بقي من أمّهات العلوم والحقائق التي سبق الوعد بذكرها ، مبتدئين بسرّ البدء والإيجاد ، ومستعينين بالله ربّ العباد.
سرّ البدء والإيجاد
فنقول : اعلم ، أنّ الحقّ علم كلّ شيء من عين علمه بذاته لم يتّصف بعلم مستفاد من غيره
__________________
(١) ق : ممّا.