• الفهرس
  • عدد النتائج:

ثم توضأ بأحدهما ، فإن مقتضى استصحاب الحدث هو وجوب الوضوء بغيره ، وترك الوضوء حينئذ مخالفة قطعية لمؤدى الاستصحاب ، والوضوء بالآخر وإن كان موافقة احتمالية له ، إلا أنه موجب للقطع بموافقة التكليف الواقعي.

فالتحقيق : أن ما ذكره قدّس سرّه من عدم الأثر للاستصحاب لا يتم بناء على عدم وجوب الموافقة القطعية عقلا ـ الذي هو محل الكلام في المقام ـ وإنما يتم بناء على وجوبها عقلا ـ كما هو التحقيق ـ لأن حكم العقل بوجوبها ملزم بالاتيان بالطرف الباقي مع قطع النظر عن الاستصحاب ، وحيث لم ينهض الاستصحاب بالورود على القاعدة ـ لما تقدم ـ كان التعبد به لاغيا.

ومنه يظهر الفرق بين الاستصحاب في ما نحن فيه واستصحاب عدم الإتيان بالظهر لمن شك في الإتيان بها ، لأن الاستصحاب هناك بيان على بقاء التكليف بالظهر ، بنحو يكون الإتيان بها امتثالا قطعيا ، فيكون واردا على قاعدة الاشتغال ، أما في المقام فالمفروض عدم إحراز انطباق المستصحب ، على الطرف الباقي ، ليحرز كونه امتثالا له بمقتضى الاستصحاب ، بل ليس الإتيان به إلا لاحتمال انطباقه عليه ، الذي هو مفاد القاعدة.

نعم ، لو كان لعدم الإتيان بالواجب أثر آخر غير الامتثال لا تقتضيه قاعدة الاشتغال ـ كوجوب القضاء أو الكفارة ـ كان جريان الاستصحاب في محله ، لترتب العمل عليه. فتأمل.

ثانيها : أن الاستصحاب المذكور استصحاب للفرد الإجمالي المردد بين معلوم الارتفاع ومشكوك الحدوث ، وهو لا يجري على التحقيق ، لوجوه وقع الكلام فيها من غير واحد ، عمدتها منافاة إطلاق لسان التعبد بالاستصحاب في المردد للعلم التفصيلي في الفرد المعلوم الارتفاع ، بالوجه الذي تقدم في الصورة الثانية من صور عروض المانع من منجزية العلم الإجمالي ، التي سبق الكلام فيها في التنبيه الرابع ، ويأتي في مبحث الاستصحاب إن شاء الله تعالى.