• الفهرس
  • عدد النتائج:

اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ...) ، وكلمة : «من» في قوله تعالى : (مِنْهُمْ) ظاهرة في التّبعيض ، فلا بدّ من إحراز الإيمان وعمل الصّالحات.

ويمكن أن يقال : إنّ ما وصفهم الله تعالى به من الصّفات في صدر الآية يستلزم صدقهم ولا ينافيه ذيل الآية ، نعم ، لا تدلّ الآية على أن جميع الصّحابة كذلك ، فهم طائفة خاصّة منهم ، أي : من الذين كانوا معه في المدينة غالبا.

الرابع : قوله تعالى : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ.) لا يبعد دلالة سياق الآية على أنّهم صادقون في إيمانهم ومحبّه ... الرسول ونصرته ، فلا يستفاد من الآية صدقهم في كلّ شيء (١) ، ومثله قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ،) أي : في إيمانهم كما يشير إليه قوله تعالى قبل هذه الآية : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ....)

وأكثر ظهورا منها قوله تعالى : (... وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ ... وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ... وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ ... أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.)

وكذا قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ ...) هذه الآيات الثلاث سيقت على نحو القضيّة الحقيقيّة دون الخارجيّة ، وتطبيقها على الأفراد خارجا ، محتاج إلى إحراز اتّصافهم بما في الآيات.

وأمّا الاحاديث الواردة في مدح الصحابة ، فكلّها لا يثبت وثاقتهم ؛ إذ بعد سلامة دلالتها على العدالة أو مجرّد الصدق ، يكون الاستدلال بها دوريّا ؛ لأنّ الرّاوي الأوّل في كلّ رواية منها هو رجل صحابي لا محالة ، والكلام في وثاقته ، ولا يمكن إثبات وثاقة شخص بقول نفسه ، وهذا ظاهر.

__________________

(١) ويمكن أن يقال : إنّ مورد الآية هم الّذين يبتغون فضله تعالى ورضوانه وطلب الرضا لا يتحقّق إلّا مع الاجتناب عن الكذب ، فمن وجدناه على الصفات المذكورة في الآية نحكم بصدقه ، فالآية تختلف دلالة عمّا بعدها من الآيات.