قوله : «مبوَّأ» اسم مكان منصوب على الظرفية. يعني بعد أن أسكته في منزل الصادقين بالنسبة إلى الله تعالى ؛ فان رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قبل نبوَّته معروفاً بين أهل مكة بـ «محمد الصادق الأمين».
قوله : «فكانوا هم السبيل إليك» إما بضم السبيل ؛ بأن يكون خبراً ، و «هم» مبتدأ ، والجملة خبر «كانوا» ؛ أو بالنصب على أن يكون خبر «كانوا» ، و «هم» ضمير فعل أو تأكيد لاسم كانوا.
المعنى :
لما كان نبينا صلىاللهعليهوآله أشرفَ الأنبياء وسيِّدهم ، ولذا صار بحسب الترتيب عقيبهم ، لئلا يُنسخ شرعه ، ولأنّ السلف كمقدمة الجيش يُعِدُّون الخلق لقبول الفيوضات الإلهية ، وكأنهم مبشِّرون بقدومه ، كما قال الشاعر بالفارسية :
من آن ستاره صبحم كه در محل طلوع |
| هميشه پيشروى آفتاب مى باشم |
وهذا ما قاله في الدعاء «إلى أن انتهيت بالأمر» ، يعني : إنّ بعث الأنبياء ونصب الأوصياء قد استمرّ وامتدّ إلى زمان بعثة الرسول صلىاللهعليهوآله ، وما بقي الدهر خالياً من الحجة.
وحيث إنّ نبيَّنا كان أفقههم ـ على ما صرح بقوله «سيد من خلقته» ـ وكان من المرسلين مبعوثاً إلى الجن والإنس ومرسلاً إلى عموم الخلائق كما اُشير إليه بلفظ «الثقلين» أي الإنس والجن ، وكذا بقوله «وأوطأته مشارقك ومغاربك» ؛ فإنه كناية عن وطئه تمام الكرة ؛ لأن الأرض منقسمة بخط الجنوب والشمال إلى القسمين المشرق والمغرب ، والتعبير بالجمع بملاحظة الممالك أو البلدان أو مطالع الشمسين باعتبار الفصول بل الأيام أيضاً.
ومن جملة فضائله وامتيازاته صلىاللهعليهوآله معراجه ؛ فإنّ بعض الأنبياء ـ كإدريس وعيسى ـ على نبينا وآله وعليهماالسلام ، وإن كان لهما أيضا عروج ومعراج ، كما قال الله تعالى في حق إدريس في سورة مريم : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) (١).
وفي الصافي (٢) عن الكافي (٣) عن الباقر عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أخبرني جبرئيل أنّ ملكاً من
__________________
١. سورة مريم ، الآيتان ٥٦ و ٥٧.
٢. الصافي ، ج ٣ ، ص ٢٨٥.
٣. الكافي ، ج ٣ ، ص ٢٥٧ ، ح ٢٦.