علم ثنى العالمين عنك كما |
| ثنى عن الشمس من يلاحظها |
وقد أتتني فديت شاغلة |
| للنفس أن قلت فاظ فائظها (١) |
فأوضحنها تفز بنادرة |
| قد بهظ الأوّلين باهظها |
فأجابه الزبيدي ، وضمّن شعره الشاهد على ذلك : [الطويل]
أتاني كتاب من كريم مكرّم |
| فنفّس عن نفس تكاد تفيظ |
فسرّ جميع الأولياء وروده |
| وسيء رجال آخرون وغيظوا |
لقد حفظ العهد الذي قد أضاعه |
| لديّ سواه والكريم حفيظ |
وباحثت عن فاظت وقبلي قالها |
| رجال لديهم في العلوم حظوظ |
روى ذاك عن كيسان سهل وأنشدوا |
| مقال أبي الغياظ وهو مغيظ |
وسميت غياظا ولست بغائظ |
| عدوّا ولكن للصديق تغيظ |
فلا رحم الرحمن روحك حيّة |
| ولا هي في الأرواح حين تفيظ |
قلت : وفي خطاب الوزير بهذا البيت وإن حكي عن قائله ما لا يخفى أن اجتنابه المطلوب ، على أنه قد يقال «فاضت نفسه» بالضاد ، كما ذكره ابن السكيت في خلل «الألفاظ» له (٢) ، والله أعلم.
وكتب الزبيدي المذكور إلى أبي مسلم بن فهد (٣) : [الطويل]
أبا مسلم ، إنّ الفتى بجنابه |
| ومقوله ، لا بالمراكب واللبس |
وليست ثياب المرء تغني قلامة |
| إذا كان مقصورا على قصر النفس (٤) |
وليس يفيد العلم والحلم والحجا |
| أبا مسلم طول القعود على الكرسي |
وقال ، وقد استأذن الحكم المستنصر في الرجوع إلى أهله بإشبيلية ولم يأذن له ، فكتب إلى جاريته سلمى : [مخلع البسيط]
ويحك يا سلم ، لا تراعي |
| لا بدّ للبين من زماع (٥) |
__________________
(١) في ب : «إن قلت».
(٢) كذا في أصول النفح ، ولابن السكيت كتاب اسمه «الألفاظ» وقد يكون هو المراد.
(٣) انظر الجذوة ص ٤٣.
(٤) القلامة : قصاصة الظفر.
(٥) الزّماع : الرعدة أو شبهها تأخذ الإنسان إذا هم بأمر.