وتقريب إلى الفوز بنعيم المعاد ، وتحصيل المراد.

من جهة دلالة ذلك على عدم قابلية هذه الحياة ، ودناءة مرتبة الدنيا ، وعدم لياقتها ، وأنها قنطرة إلى الآخرة.

ولذا قالوا : (الدنيا ساعة ، فأجعلها طاعة).

فكأنهم عليهم‌السلام برضاهم وتسليمهم بمنزلة من خيرة الله تعالى بين البقاء في الدنيا والرحيل ، فاختار الرحيل ، وأسرع عمدا ، وعانق الموت رغبة عن الدنيا ، وشوقا إلى الآخرة (١١).

وبهذا (١٢) يجاب عن إشكال :

إنهم عليهم‌السلام إذا كانوا يعلمون بأوقات وفياتهم ، وأسبابها ، فلم لم يحترزوا عنها؟!

وكيف باشروها ، وحضروها مع قوله تعالى : (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [الآية (١٥٩) من سورة البقرة (٢))؟! ... (١٣)

__________________

(١١) وقد ذكر هذا في الروايات بعنوان : (اختيار لقاء الله) ..

كما في حديث عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال :

أنزل الله تعالى النصر على الحسين عليه‌السلام ، حتى كان بين السماء والأرض.

ثم خير النصر ، أو لقاء الله.

فاختار لقاء الله تعالى.

الكافي ـ الأصول ـ ١ / ٢٦٠ باب أن الأئمة عليهم‌السلام يعلمون متى يموتون ، وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم ، الحديث ٨.

(١٢) هذا إشارة إلى الوجه الأخير ، بل إلى الكتاب كله ، لأن الوجوه السابقة تصلح ـ أيضا ـ للإجابة عن هذا الإشكال ، وقد تقدم منا مقال مفصل تضمن إجابة أوسع عن الإشكال ، فراجع.

(١٣) في مخطوطة المصنف هنا بياض بمقدار نصف صفحة