فأولا : حصره الأساس للانتصار على عصبية النسب أمر لا يوافق المنطق الإسلامي الرافض لكل أشكال العصبيات والعنصريات ، والداعي إلى الأخوة الإسلامية.

وثانيا : بطلان دعواه بالنسبة إلى الديانات والحركات الدينية التي قامت على الأرض ولا تزال ، مما لا تعتمد على العصبية ، بل تضادها أحيانا كثيرة ، فهذه ثورة الإسلام التي قام بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس معه من قومه إلا القلائل ، وأما الأكثرية فكانوا ضده بل هم من أشد الناس عليه ، ولكنه غلبهم ودحرهم بإذن الله.

وهذه الثورة الإسلامية في إيران ، قادها رجل علوي وهو الإمام الخميني ، من دون أن ينتمي إلى عصبة وشوكة سوى العلقة الربانية التي كانت تربط مقلديه به في الفتوى ، وقد نصره الله على «الشاه» الأعجمي الحسب والنسب ، والذي كان يدعو إلى القومية الفارسية بأقوى الأساليب وبشكل منهجي ومدروس ، لكن الشعب المسلم ، المؤمن ، وقف مع الإمام العلوي ، إلى حد الانتصار.

وثالثا : إن المهدي المنتظر ، له ممهدون ، يمهدون له سلطانه ، ويهيئون له أموره ، وإن لم يكونوا من عصبته ، كما دلت عليه أخبار متفق عليها بين المسلمين ، فلا ينحصر وجه ظهوره في أن يخرج في عصبته من الطالبيين فقط.

ورابعا : لو صحت الأحاديث بخروج المهدي ، فالمتبع ما ورد في متونها ، وهي تدل على «ظهور رجل من أهل البيت يدعو إلى الرشد والهدى ، ويحكم كلمة الله على سطح الكرة الأرضية».

أما أنه «يخرج في الطالبيين» خاصة ، كما يراه ابن خلدون ، فليس حجة ، ولم يتضمنه حديث ، ودليله عليه عليل ، فلا يجب علينا الالتزام برأيه بل هو إن كان مؤمنا بالله والرسول فالواجب عليه ، رفع يده عن نظريته والتزام ما وردت به الأحاديث الصحيحة.