تقدير .
* * *
تُشكِّل الروايات والنصوص المتقدّمة المصدر الرئيسي والمرجع الأساسي المهمّ لهذه المزعمة الواهية .
والقاسم المشترك بينها جميعاً هو الإِرسال ، والشذوذ ، ومخالفة ما هو مشهور ، والنكارة ، والتحريف ، والتلاعب في بعض مصادرها ، وضعف بعض رواتها ، وعلّة واحدة من هذه العلل يُسْقِطُ الاعتماد عليها ، ويُوجِبُ نبذها جانباً ، فكيف بها مجتمعة ؟ !
وتبيّن من خلال البحث في تواريخ رواتها أنّها ظهرت في القرن الثالث الهجري ، وأنّها ممّا تعمّد وضعه وتدرّج نحته في الأزمنة المتأخّرة ، وما أكثرها .
يقول يحيى بن معين مُشيراً إلى كثرتها : « كتبنا عن الكذّابين ، وسجّرنا به التنور ، وأخرجنا به خبزاً نضيجاً » (١١٤) .
والعجب أنَّ أكثر هذه الأحاديث وجلّها قد وضعها « أهل الخير والزهد » !
قال يحيى بن سعيد القطّان : « لم نرَ الصالحين في شيء أكذبَ منهم في الحديث » (١١٥) .
وقال : « لم نرَ أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث » (١١٦) .
وقال : « ما رأيت الكذب في أحدٍ أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد » (١١٧) .
من أجل هذا ـ وغيره ـ ينبغي لنا ألّا نمنح هذا التاريخ ثقتنا واعتمادنا ، بل يجب غربلته وأزالة شوائبه بإخضاع نصوصه وأخباره لدراسة علمية ، حيادية ، مستوعبة
__________________(١١٤) تاريخ بغداد ١٤ : ١٨٤ ، سير أعلام النبلاء : ١١ / ٨٣ عن تاريخ الأبَّار .
(١١٥) صحيح مسلم ١ : ١٧ ، تاريخ بغداد ٢ : ٩٨ .
(١١٦) صحيح مسلم ١ : ١٨ .
(١١٧) اللآلئ المصنوعة . . . ، فتح الملك العليّ : ٩٢ .
وللتوسّع راجع الغدير ٥ : ٢٧٥ ـ ٢٩٦ .