واعلم أيضا أن التأهب للصلاة في أول وقتها بالطهارة والستر قبلها بمنزلة تطيب الأرض للزراعة قبلها.

والصلاة في أول الوقت بمنزلة الزرع في أول وقت المطر.

ومراعاة الإخلاص والإقبال على الصلاة بالقلب وتخليصها من شوائب الرياء والعجب وغيره بمنزلة البذر في أرض خالصة ، وتنقيته من الشوك والحشيش الغريب.

وهذا هو السابق الذي يحسن منه رجاء الغلة الوافرة والحصاد في وقته.

فأما فعل الفرائض بدون السنن في أول الوقت ، فبمنزلة البذر في أرض أولا بغير تقديم الفلاحة.

وشوبها بالأخلاق الفاسدة ، والغفلة بمنزلة الشوك والحشيش المضر بالزرع ، وإن كان بذره جيدا.

والصلاة في آخر الوقت بمنزلة الزرع في آخره ، لا يدرك من غلته ما يدركه المبادر فإن انضم إلى ذلك فساد الأرض وقلة الماء وغيرهما فسد رأسا.

فما ظنك بمن يترك الزرع أصلا ، فهذا مجمل القول في سر قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «الدنيا مزرعة الآخرة».

واعلم أن أوامر الله على فرائض ونوافل ، فالفرائض : رأس المال ، وبه أصل التجارة ، والنفل هو : الربح ، وبه الفوز بالدرجات.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال الله تعالى «ما تقرب إلي المتقربون بمثل أداء ما افترضت عليهم ، ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي ينطق به» (١٠).

__________________

(١٠) الكافي ٢ : ٢٦٢ / ٧ ، المصنف ـ لعبد الرزاق ـ ١١ : ١٩٣ / ٢٠٣٠١ ، الفردوس ـ للديلمي ـ ٣ : ٢١٥ / ٤٤٧٢.