العرب أن بعضهم كان يرد على بعض فيما يشبه لهم أنه الصواب خوف أن يكونوا قد وهموا ... على أن تلك الروايات القليلة [فيما زعموه كان قرآنا وبطلت تلاوته] (٧٣) إن صحت أسانيدها أو لم تصح فهي على ضعفها وقلتها مما لا حفل به ما دام إلى جانبها إجماع الأمة وتظاهر الروايات الصحيحة وتواتر النقل والأداء على التوثيق» (٧٤).

وقال صبحي الصالح : «والولوع باكتشاف النسخ في آيات الكتاب أوقع القوم في أخطاء منهجية كان خليقا بهم أن يتجنبوها لئلا يحملها الجاهلون حملا على كتاب الله ... لم يكن خفيا على أحد منهم أن الآية القرآنية لا تثبت إلا بالتواتر ، وأن أخبار الآحاد ظنية لا قطعية ، وجعلوا النسخ في القرآن ـ مع ذلك ـ على ثلاثة أضرب : نسخ الحكم دون التلاوة ، ونسخ التلاوة دون الحكم ، ونسخ الحكم والتلاوة جميعا.

وليكثروا إن شاؤوا من شواهد الضرب الأول ، فإنهم فيه لا يمسون النص القرآني من قريب ولا بعيد ، إذ الآية لم تنسخ تلاوتها بل رفع حكمها لأسرار تربوية وتشريعية يعلمها الله ، أما الجرأة العجيبة ففي الضربين الثاني والثالث ، اللذين نسخت فيهما بزعمهم تلاوة آيات معينة ، إما مع نسخ أحكامها وإما دون نسخ أحكامها.

والناظر في صنيعهم هذا سرعان ما يكتشف فيه خطأ مركبا ، فتقسيم المسائل إلى أضرب إنما يصلح إذا كان لكل ضرب شواهد كثيرة أو كافية على الأقل ليتيسر استنباط قاعدة منها ، وما لعشاق النسخ إلا شاهد أو اثنان على كل من هذين الضربين [أما الضرب الذي نسخت تلاوته دون حكمه فشاهده المشهور ما قبل من أنه كان في سورة النور : الشيخ والشيخة ... أنظر : تفسير ابن كثير

__________________

(٧٣) ما بين القوسين ذكره في الهامش. قلت : ما ذكره في الجواب عن هذه الأحاديث هو الحق لكن وصفها بالقلة في غير محله فهي كثيرة بل أكثر من أن تحصى كما تقدم في عبارة الآلوسي.

(٧٤) إعجاز القرآن : ٤٤.