خطب الحسن بن علي فحمد الله ـ عزوجل ـ وأثنى عليه ثم قال :

لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون ، أن كان رسول الله ـ صلى الله عليه ـ يدفع الراية إليه فيمضي وجبريل عن يمينه وميكايل عن يساره ، فما يبرح حتى يفتح الله ـ عزوجل ـ عليه ، وما ترك صفراء ولا بيضاء غير سبعمائة درهم كان أرصدها [٢٤٥ / أ] في خادم.

٩٢ ـ حدثنا الحسين ، أنبأنا عبد الله ، قال : حدثني أبي ، عن هشام بن محمد ، عن أبي عبد الله الجعفي ، قال : حدثني عروة بن عبد الله ، عن زحر بن قيس ، قال : بعثني الحسن بن علي ـ عليهما‌السلام ـ إلى المدائن وبها حسين بن علي ، فلما انتهيت إليه قال : أي زحر ، ما لي أرى وجهك متغيرا؟! قلت : تركت أمير المؤمنين في آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة ، وهذا كتاب الحسن إليك.

قال زحر : فلما ذكرت له أمر علي ومصابه ، قال : ويحك من قتله؟! قلت : رجل من مراد ، مارق فاسق ، يقال له عبد الرحمن بن ملجم ، قال : أقتل الرجل؟ قلت : نعم ، فكبر ثم قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، ما أعظمك من مصيبة ، مع أن رسول الله ـ صلى الله عليه ـ قال : إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصابه بي ، فإنه لن يصاب بمثلها أبدا ، وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه ـ ، وما أصيب بعد رسول الله ـ صلى الله عليه ـ بمثلها ، ولن نصاب بمثلها في بقية عمري ، أن البلاء إلينا أهل البيت سريع ، والله المستعان.

فقال له زحر : أن هامنا من لا يرى أنه يموت حتى يظهر! وأنا أخافهم عليك ، فاجمعهم إلي حتى أقرأ كتاب الحسن عليهم ، فنودي في الناس فاجتمعوا وحضر حسين ـ عليه‌السلام ـ فقمت فقرأت على الناس الكتاب ، فقال رجل ـ يقال له ابن السوداء ، من همدان يقال له عبد الله بن سبأ (١) ـ : والله لو رأيت أمير المؤمنين في

__________________

(١) ألف العلامة السيد مرتضى العسكري كتبا في أكاذيب سيف بن عمر التميمي ، أحدها كتاب (عبد الله بن سبأ) في مجلدين ، حول اختلاق المسمى بهذا الاسم وأن لا وجود له أصلا بأدلة علمية