• الفهرس
  • عدد النتائج:
📷

بهذا الملاك الجديد الذي يطرحه الاسلام.

فيبقیٰ حبّ الانسان الطبيعي في مواضعه ، ولكن ضمن تنظيم جديد يكرّس حبّ العبد لله تعالىٰ بدل أن يضعفه ويشوّش عليه.

ولهذا السبب فقد ورد تأكيد بليغ في النصوص الاسلامية في قيمة « الحب لله وفي الله ». فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : « المحبّة لله أقرب نسب » (١).

وعنه عليه‌السلام أيضاً : « المحبّة في الله آكد من وشيج الرحم » (٢).

والتعبير دقيق ويعتمد علىٰ أصل فكري مهم ، فإن للناس في حياتهم أنساباً ووشائج من العلاقات. ومن أوثق هذه الوشائج وشيجة الرحم. والعلاقة بالله تعالیٰ آكد من وشيجة الرحم. وإذا ربط الانسان حبّه وتعلّقه بهذه الوشيجة ، وأحبّ من خلالها ، وأبغض من خلالها ، كان أكمل النسب وآكد الوشائج.

وإنّما يكون آكد الوشائج لأن الحبّ إذا كان لغير الله فقد يتغيّر وقد يختلّ ، وقد يتأثّر بالمؤثّرات التي تغيّر وجه الناس بعضهم لبعض. أما إذا كان حبّ الانسان لأخيه لله فإنّه آكد وأقوىٰ ، وأكثر ثباتاً تجاه المؤثّرات والعوامل المضادّة المختلفة.

وليس فقط إخلاص الحبّ لله لا ينفي التعلّقات الطبيعية في نفس الانسان ، وإنّما يؤكّدها أيضاً ويرسّخها بعد أن ينظّمها من خلال القناة الكبرىٰ ، التي تنظّم كلّ حبّ الصّديقين وأولياء الله. فيكون أفضل الناس عند الله أكثرهم حبّاً لأخيه المؤمن في الله. عن الصادق عليه‌السلام : « ما التقیٰ مؤمنان قطّ إلّا كان أفضلهما أشدّهما حبّاً لأخيه » (٣).

وروي عنه عليه‌السلام أيضاً : « إن المتحابّين في الله يوم القيامة علىٰ منابر من نور ،

__________________

(١) ميزان الحکمة ٢ : ٢٣٣.

(٢) نفس المصدر.

(٣) بحار الأنوار ٧٤ : ٣٩٨.