• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • مقدمة المؤلف : الإيمان بالغيب في الكتاب العزيز
  • أجر الرسالة المحمدية في القرآن الكريم
  • المقام الأوّل : ما هو المراد من ( المَؤدَّةَ فِي القُربى ) ؟
  • المقام الثاني : التأليف بين هذه الآية والآيات الأُخر
  • المقام الثالث : كيف يعود نفع المودّة إلى الناس ؟
  • المقام الرابع : المودّة في القربى نفس اتخاذ السبيل إلى الله
  • المقام الخامس : مناقشة الاحتمالات الواردة حول آية المودَّة
  • المقام السادس : في سرد الأحاديث الواردة حول الآية
  • معاجز النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكراماته
  • أنّ الإنسان التائب محكوم بحكم آخر ، والاختلاف في الحكم لأجل الاختلاف في الموضوع ، والتبدّل في ناحية المعلوم دون العلم وإلاّ فالحاكم العادل قد علم وحكم من الأزل بحكمين مختلفين على موضوعين متفاوتين ، قال عز من قائل : ( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١) فقد حكم على الإنسان المشرك بالقتل وعلى الإنسان الذي تاب من شركه بالتخلية لسبيله وإطلاق سراحه وعدم التعرض له ، ولا يعد الثاني ناقضاً للحكم الأوّل.

    والمثال لا ينحصر بما ذكرناه بل هناك مئات الأمثلة وآلاف الشواهد من هذا القبيل ، ولا يعد أي عاقل ، الحكم الثاني ، ناقضاً للحكم الأوّل.

    ولنأت بمثال ثالث تتميماً للوضوح : لا شك انّ لله سبحانه أوامر جدية ، وأُخرى امتحانية ولكل غايته وهدفه الخاص ، والهدف في الأوامر الجدية هو إحراز المكلف ما يترتب على الموضوع من المصالح كإقامة الصلاة لأجل كونها ناهيةً عن الفحشاء والمنكر ، لقوله : ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ ) (٢) وأمّا الأوامر الامتحانية فليس الهدف منها إلاّ جعل العبد في بوتقة الامتحان حتى يتفتح كل ما يملك من الكمال بصورة القوة والاستعداد ويدخل إلى مرحلة الفعلية ، التي هي الكمال لما هو أمر بالقوة ، وهذا كجعل تراب الحديد حديداً خالصاً من خلال التذويب في المصانع الخاصة فتكون المصائب والمتاعب التي يمر بها العبد في طريق امتثاله للأوامر الامتحانية بمثابة الحرارة المتوجهة إلى التراب المعدني في إبراز كمالاته ، وإخراج جوهره.

    __________________

    (١) التوبة : ٥.

    (٢) العنكبوت : ٤٥.