• الفهرس
  • عدد النتائج:

أميرُ المؤمنينَ عليه‌السلام ثمّ صَعِدَ من حيثُ انهبطَ ، فقامَ معَ القومِ الّذينَ اتبعوه حتّى أسفرَ الموضِعُ عمّا اعتراه.

فقالَ له أصحابُ رسولِ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما لقيتَ يا أبا الحسنِ؟ فلقدْ كِدْنا أنْ نَهلِكَ خوفاً وِاشفاقنا (١) عليك أكثر ممّا لَحِقَنا. فقالَ لهم عليه‌السلام : « إِنّه لمّا تَراءى لي العدوُّ جَهَرْتُ فيهم بأسماءِ اللّهِ عزّ وجلّ فتضاءلوا ، وعلمتُ ما حلَّ بهم منَ الجزع فتوغّلْتُ الواديَ غيرَ خائفٍ منهم ، ولو بَقُوا على هيئاتِهم لأتيتُ على آخرهم (٢) ، وقد كفى اللّهُ كيدَهم وكفى المسلمينَ شرَّهم ، وسيَسبِقُني بقيّتهُم إِلى النّبيِّ عليهِ وآلهِ السّلامُ فيُؤمِنونَ بهِ ».

وانصرفَ أميرُ المؤمنينَ بمن تبعَه إِلى رسولِ اللّهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخبرَه الخبرَ ، فسُرِّيَ عنه ودعا له بخيرٍ ، وقالَ له : « قد سبقَكَ ـ يا عليّ ـ إليّ من أخافَه الله بكَ ، فأسلمَ وقَبِلتُ إِسلامَه » ثمّ ارتحلَ بجماعةِ المسلمينَ حتّى قطعوا الواديَ آمِنينَ غيرَ خائفينَ (٣).

وهذا الحديثُ قد روتْه العامّةُ كما روتْه الخاصّةُ ، ولم يتناكروا شيئاً منه.

والمُعتزِلةُ لميلِها إلى مذهبِ البَراهِمة (٤) تَدفَعُه ، ولبُعدِها

ـــــــــــــــــ

(١) في « ش » وهامش « م » : واشفقنا.

(٢) في « ش » : انفسهم.

(٣) ذكره القوشجي مختصراً في شرح تجريد العقائد : ٣٧٠ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٣٩ : ١٧٥ / ١٨.

(٤) وجه الشبه أن البراهمة ـ وهي فرقة من كفرة الهند ـ تقدس العقل وترى انه يغني عن النبوة ، والمعتزلة ـ وهي من فرق المسلمين ـ تقدس العقل وتؤوِّل ما خالفه من الامور