• الفهرس
  • عدد النتائج:

بل كانت تظاهرهم بالعداوة لهم أشدّ من تظاهرهم بها للعامّة ، فإنّهم كانوا يُتاقون العامّة ، ويجالسونهم ، وينقلون عنهم ، ويظهرون لهم أنّهم منهم ، خوفاً من شوكتهم ، لأنّ حكّام الضلال منهم ، وأمّا هؤلاء المخذلون فلم يكن لأصحابنا الإمامية ضرورةٌ داعية إلى أن يسلكوا معهم على ذلك المنوال ، وخصوصاً الواقفية فإنّ الإمامية كانوا في غاية الاجتناب لهم والتباعد عنهم ، حتّى أنّهم كانوا يسمّونهم الممطورة ، أي الكلاب التي أصابها المطر.

وأئمّتنا عليهم‌السلام كانوا ينهون شيعتهم من مجالستهم ومخالطتهم ، ويأمرونهم بالدعاء عليهم في الصلاة ويقولون إنّهم كفّار مشركون زنادقة ، وإنّهم شرّ من النواصب وإنّ مَن خالطهم فهو منهم وكُتُب أصحابنا مملوءة بذلك ، كما يظهر لمن تصفّح كتاب الكشّي وغيره ، فإذا قبل علماؤنا ـ وسيّما المتأخّرون منهم ـ رواية رواها رجل من ثقات الإمامية عن أحد من هؤلاء وعوّلوا عليها وقالوا بصحّتها مع علمهم بحاله ، فقبولهم لها وقولهم بصحّتها لا بدّ من ابتنائه على وجه صحيح لا يتطرّق به القدح إليهم ، ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عن من هذا حاله ، كأن يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق وقوله بالوقف ، أو بعد توبته ورجوعه إلى الحق ، أو إنّ النقل إنّما وقع من أصله الذي ألّفه واشتهر عنه قبل الوقف ، أو من كتابه الذي الّفه بعد الوقف ، ولكنّه أخذ ذلك الكتاب عن شيوخ أصحابنا الذين عليهم الاعتماد ، ككتاب علي بن الحسن الطاطريّ ـ فإنّه وإن كان من أشدّ الواقفة عناداً للإمامية ـ فإنّ الشيخ شهد له في الفهرست بأنّه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم ، إلى غير ذلك من المحامل الصحيحة ، والظاهر أنّ قبول المحقّق رواية علي بن أبي حمزة ـ مع تعصّبه في مذهبه الفاسد ـ مبنيّ على ما هو الظاهر من كونها منقولة من أصله ، وتعليله يُشعر بذلك فإنّ الرجل من أصحاب