فمن كان عفيفاً شريف النفس ملتزماً بالدين وقوانينه ، وكان صاحب ورع وعفة ، وعدل في الأقضيه ، أترى يتجاوز عن حدود الشريعة ويرتكب مالا يرتكبه من له أدنى علم وورع ؟ ما هكذا تورد يا سعد الإبل ؟

لقد تولى الشريف نقابة الطالبيين ، وإمارة الحجّ ، والنظر في المظالم سنة ٣٨٠ وهو ابن واحد وعشرين سنة على عهد الطائع ، وصدرت الأوامر بذلك من بهاء الدولة وهو بالبصرة عام ٣٩٧ ، ثم عهد اليه في ١٦ محرّم عام ٤٠٣ بولاية اُمور الطالبيين في جميع البلاد فدُعي نقيب النقباء ، وتلك المرتبة لم يبلغها أحد من أهل البيت إلّا الإمام علي بن موسى الرضا ـ سلام الله عليه ـ الذي كانت له ولاية عهد المأمون ، واُتيحت للشريف الخلافة على الحرمين على عهد القادر (٢٩).

والنقابة موضوعة لصيانة ذوي الأنساب الشريفة عن ولاية من لا يكافؤهم في النسب ، ولا يساويهم في الشرف ، ليكون عليهم أحبى ، وأمره فيهم امضى ، وهي على ضربين : خاصة وعامة ، اما الخاصة فهي أن يقتصر بنظره على مجرّد النقابة من غير تجاوز لها إلى حكم وإقامة حد ، فلا يكون العلم معتبراً في شروطها ، ويلزمه في النقابه على أهله من حقوق النظر إثنا عشر حقا ، وقد ذكرها الماوردي في الأحكام السلطانيّة.

واما النقابه العامة ، فعمومها أن يُردّ إلى النقيب في النقابة عليهم مع ما قدمناه من حقوق النظر ، خمسة أشياء :

١ ـ الحكم بينهم في ما تنازعوا فيه.

٢ ـ الولاية على أيتامهم في ما ملكوه.

٣ ـ إقامة الحدود عليهم في ما ارتكبوه.

٤ ـ تزويج الأيامى اللاتي لا يتعين أولياؤهن أو قد تعينوا فعضلوهن.

٥ ـ إيقاع الحَجر على من عته منهم ، أو سفه وفكه إذا أفاق ورشد.

فيصير بهذه الخمسة عامّ النقابة ، فيعتبر في صحّة نقابته وعد ولايته أن يكون عالماً من أهل الإجتهاد ليصحّ حكمه ، وينفذ قضاؤه (٣٠).

فمن تصدّى لهذه المناصب الخطيرة أعواماً وسنين عديدة مضافاً الى ولاية المظالم

________________________________

(٢٩) الشرح الحديدي ١ : ٣٣ ، ولاحظ الغدير ٤ : ٢٥٠.

(٣٠) الأحكام السلطانية ص ٨٢ ـ ٨٦.