«هذا علي مع القرآن ، والقرآن مع علي ، لا يفترقان حتى يردا عليَّ الحوض فأسألهما : ما أخلفتم فيهما ؟!».

[الصواعق المحرقة لابن حجر ص ٧٥]

هذه جملة من طرق الحديث ، وقد صحّح النقّاد بعضها و حسّنوا بعضها الآخر ، وبذلك تتصافق الأيدي على ثبوته و صحّته.

وكلمة لابدّ من تقديمها على شرح الحديث و تشخيص مفاده هي أنّ الرسول الكريم هو أول من تعرّف على القرآن من خلال الوحي الذي نزل به الروح الأمين على قلبه ، فهو صلّ الله عليه وآله وسلّم أول مضطلع بحمله ، فعرّف البشرية به كما اُنزل ، فهو صلّ الله عليه وآله وسلّم أعرف شخص بهذا الكتاب العظيم.

وكان علي أميرالمؤمنين عليه السلام ابن عمّه ، ربّاه في حجره صبيّاً ، طلبه من والده أبي طالب لمّا أصابت قريشاً أزمة ، فأخذه معه إلى بيته ، و ذلك قبل البعثة الشريفة بسنين ، فلم يزل عليه السلام معه صلّ الله عليه وآله ، نهاراً وليلاً ، حتى بُعِثَ صلّ الله عليه وآله نبيّاً ، ولم يفارق عليّ عليه السلام داره بعد ذلك ، بل ظلّ معه في منزله ، حتى زوّجه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ابنته فاطمة الزهراء.

[لاحظ الإستيعاب ج ١ ص ٢٥ ـ ٢٦]

و ظلّ الإمام مع النبيّ ، رفيقاً وناصراً ، و فادياً بنفسه ، ومجابهاً الأهوال والمخاطر من أجله ، ومجاهداً معه الكفّار في كل الحروب والمعارك ، فكان مؤمنَ حقّ به ، و رفيق صدق له ، والنبيّ صلّ الله عليه وآله وسلّم يعلّمه و يرشده ، فهو أقرب الناس من علي عليه السلام ، و أعرفهم به و بمنزلته ومقامه.

فالنبيّ الأكرم صلّ الله عليه وآله وسلّم هو أدرى إنسان بالقرآن و أهدافه ، و أعرف إنسان بعلي عليه السلام و قابليّاته ، و إذا علمنا بأنّه « لاينطق عن الهوى » بنصّ القرآن الكريم. فلو قال : ما ورد في الحديث «علي مع القرآن ، والقرآن مع علي» فعل ماذا يدلّ هذا الكلام ؟

وما هي أبعاد هذا القول ؟

نقول : إنّ الحديث يحتوي على جملتين :

١ ـ إنّ عليّاً مع القرآن.

٢ ـ إنّ القرآن مع علي.