• الفهرس
  • عدد النتائج:

عبيدة ذا الكلاع حتى كان بين دمشق وحمص ردءا. وبعث علقمة بن حكيم ومسروقا فكانا بين دمشق وفلسطين ، والأمير يزيد.

وقدم خالد وأبو عبيدة وعمرو وشرحبيل على دمشق فنزلوا حواليها وحاصروا أهلها حصارا شديدا نحوا من سبعين ليلة ، وقاتلوهم قتالا عظيما بالزحوف والترامى والمجانيق ، وهم معتصمون بالمدينة ، يرجون الغياث ، وهرقل منهم قريب بحمص ، ومدينة حمص بينه وبين المسلمين وذو الكلاع بين المسلمين وبين حمص على رأس ليلة من دمشق ، كأنه يريد حمص.

وجاءت جنود هرقل مغيثة لأهل دمشق ، فأشجتها الخيول التي مع ذى الكلاع وشغلتها ، فلما أيقن أهل دمشق أن الأمداد لا تصل إليهم فشلوا ووهنوا وأبلسوا ، وازداد المسلمون طمعا فيهم ، وكانوا قبل يرون أنها كالغارات ، وأنه إذا جاء البرد قفل الناس ، فسقط النجم والمسلمون مقيمون ، فعند ذلك انقطع رجاء الروم وندموا على دخول دمشق ، واتفق أن ولد للبطريق الذي دخل على أهل دمشق مولود ، فصنع عليه طعاما ، فأكل القوم وشربوا ، وغفلوا عن مواقفهم ، ولا يشعر بذلك أحد من المسلمين إلا ما كان من خالد ، فإنه كان لا ينام ولا ينيم ، ولا يخفى عليه من أمرهم شيء ، عيونه ذاكية وهو معنى بما يليه ، قد اتخذ حبالا كهيئة السلالم وأوهاقا (١) ، فلما أمسى من ذلك اليوم نهد هو ومن معه من جنوده الذين قدم بهم ، وتقدمهم هو والقعقاع بن عمرو ومذعور بن عدى وأمثالهما.

وقالوا : إذا سمعتم تكبيرنا على السور فارقوا إلينا وانهدوا للباب وائتوا من الباب الذي كان خالد يليه ، فقطعوا الخندق سبحا على ظهورهم القرب ، ثم رموا بالحبال الشرف. فلما ثبت لهم وهقان تسلق القعقاع ومذعور ثم لم يدعا أحبولة إلا أثبتاها والأوهاق بالشرف ، وكان المكان الذي اقتحموا منه خندقهم أحصن مكان يحيط بدمشق ، أكثره ماء ، وأشده مدخلا ، وتوافوا لذلك ، فلم يبق ممن دخل معه أحد إلا رقى أو دنا من الباب ، حتى إذا استووا على السور حدر عامة أصحابه ، وانحدر معهم ، فكبر الذين على رأس السور ، فنهد المسلمون إلى الباب ، ومال إلى الحبال بشر كثير ، فوثبوا فيها ، وانتهى خالد إلى أول من يليه فأنامهم ، وانحدر إلى الباب فقتل البوابين ، وثار أهل المدينة ، وفزع سائر الناس فأخذوا مواقفهم ولا يدرون من الشأن ، وتشاغل أهل كل

__________________

(١) الأوهاق : جمع وهق ، وهو الحبل فى طرفيه أنشوطة يطرح فى عنق الدابة أو الإنسان حتى يؤخذ.