• الفهرس
  • عدد النتائج:

حتى استشاروا في أحد الأحد

شاهد يرادا سلاح معد

(فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ) ، وهو محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قاله ابن عباس ، وهو الظاهر. وقال مقاتل : هو انشقاق القمر. (ما زادَهُمْ) : أي ما زادهم هو أو مجيئه. (إِلَّا نُفُوراً) : بعدا من الحق وهربا منه. وإسناد الزيادة إليه مجاز ، لأنه هو السبب في أن زادوا أنفسهم نفورا ، كقوله : (فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ) (١) ، وصاروا أضل مما كانوا. وجواب لما : (ما زادَهُمْ) ، وفيه دليل واضح على حرفية لما لا ظرفيتها ، إذ لو كانت ظرفا ، لم يجز أن يتقدّم على عاملها المنفي بما ، وقد ذكرنا ذلك في قوله : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ) (٢) ، وفي قوله : (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ) (٣). والظاهر أن (اسْتِكْباراً) مفعول من أجله ، أي سبب النفور وهو الاستكبار ، (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) معطوف على (اسْتِكْباراً) ، فهو مفعول من أجله أيضا ، أي الحامل لهم على الابتعاد من الحق هو الاستكبار ؛ و (الْمَكْرُ السَّيِّئُ) ، وهو الخداع الذي ترومونه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والكيد له. وقال قتادة : المكر السيء هو الشرك. وقيل : (اسْتِكْباراً) بدل من (نُفُوراً) ، وقاله الأخفش. وقيل : حال ، يعني مستكبرين وماكرين برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم والمؤمنين ، ومكر السيء من إضافة الموصوف إلى صفته ، ولذلك جاء على الأصل : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ). وقيل : يجوز أن يكون (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) معطوفا على (نُفُوراً). وقرأ الجمهور : ومكر السيء ، بكسر الهمزة ؛ والأعمش ، وحمزة : بإسكانها ، فإما إجراء للوصل مجرى الوقف ، وإما إسكانا لتوالي الحركات وإجراء للمنفصل مجرى المتصل ، كقوله : لنا إبلان. وزعم الزجاج أن هذه القراءة لحن. قال أبو جعفر : وإنما صار لحنا لأنه حذف الإعراب منه. وزعم محمد بن يزيد أن هذا لا يجوز في كلام ولا شعر ، لأن حركات الإعراب دخلت للفرق بين المعاني ، وقد أعظم بعض النحويين أن يكون الأعمش يقرأ بهذا ، وقال : إنما كان يقف على من أدّى عنه ، والدليل على هذا أنه تمام الكلام ، وأن الثاني لما لم يكن تمام الكلام أعربه ، والحركة في الثاني أثقل منها في الأوّل لأنها ضمة بين كسرتين. وقال الزجاج أيضا : قراءة حمزة ومكر السيء موقوفا عند الحذاق بياءين لحن لا يجوز ، وإنما يجوز في الشعر للاضطرار. وأكثر أبو علي في الحجة من الاستشهاد ، والاحتجاج للإسكان من أجل توالي الحركات والاضطرار ، والوصل بنية الوقف ، قال : فإذا ساغ ما ذكرناه في هذه القراءة

__________________

(١) سورة التوبة : ٩ / ١٢٥.

(٢) سورة سبأ : ٣٤ / ١٤.

(٣) سورة يوسف : ١٢ / ٦٨.