• الفهرس
  • عدد النتائج:

سوء. والظاهر أنه أمر عباده بتنزيهه في هذه الأوقات ، لما يتجدد فيها من النعم. ويحتمل أن يكون كناية عن استغراق زمان العبد ، وهو أن يكون ذاكرا ربه ، واصفه بما يجب له على كل حال.

وقال الزمخشري : لما ذكر الوعد والوعيد ، أتبعه ذكر ما يوصل إلى الوعد وينجي من الوعيد. وقيل : المراد هنا بالتسبيح : الصلاة. فعن ابن عباس وقتادة : المغرب والصبح والعصر والظهر ، وأما العشاء ففي قوله : (وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) (١). وعن ابن عباس : الخمس ، وجعل (حِينَ تُمْسُونَ) شاملا للمغرب والعشاء. (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : اعتراض بين الوقتين ، ومعناه : أن الحمد واجب على أهل السموات وأهل الأرض ، وكان الحسن يذهب إلى أن هذه الآية مدنية ، لأنه كان يقول : فرضت الخمس بالمدينة. وقال الأكثرون : بل فرضت بمكة ؛ وفي التحرير ، اتفق المفسرون على أن الخمس داخلة في هذه الآية. وعن ابن عباس : ما ذكرت الخمس إلا فيها ، وقدم الإمساء على الإصباح ، كما قدم ف قول (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) (٢) ، والظلمات على النور ، وقابل بالعشي الإمساء. وبالإظهار الإصباح ، لأن كلّا منهما يعقب بما يقابله ، فالعشي يعقبه الإمساء ، والإصباح يعقبه الإظهار. ولما لم يتصرف من العشي فعل ، لا يقال أعشى ، كما يقال أمسى وأصبح وأظهر ، جاء التركيب (وَعَشِيًّا) : وقرأ عكرمة : حينا تمسون وحينا تصبحون ، بتنوين حين ، والجملة صفة حذف منها العائد تقديره : تمسون فيه وتصبحون فيه. ولما ذكر الإبداء والإعادة ، ناسب ذكره : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) ، وتقدم الكلام على هذه الآية في آل عمران. (وَكَذلِكَ) : أي مثل ذلك الإخراج ، والمعنى : تساوي الإبداء والإعادة في حقه تعالى. وقرأ الجمهور : (تُخْرَجُونَ) ، بالتاء المضمومة ، مبنيا للمفعول ؛ وابن وثاب وطلحة والأعمش : بفتح تاء الخطاب وضم الراء.

ثم ذكر تعالى آياته من بدء خلق الإنسان ، آية آية ، إلى حين بعثه من القبر فقال : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) : جعل خلقهم من تراب ، حيث كان خلق أباهم آدم من تراب. و (تَنْتَشِرُونَ) : تتصرفون في أغراضكم بثم المقتضية المهلة والتراخي. ونبه تعالى على عظيم قدرته بخلق الإنسان من تراب ، وهو أبعد الأشياء عن درجة الإحياء ، لأنه بارد يابس ، والحياة بالحرارة والرطوبة ، وكذا الروح نير وثقيل ، والروح خفيف وساكن ، والحيوان متحرك إلى الجهات الست ، فالتراب أبعد من قبول الحياة من سائر الأجسام.

__________________

(١) سورة هود : ١١ / ١١٤.

(٢) سورة آل عمران : ٣ / ٢٧ ، وسورة الحج : ٢٢ / ٦١.