• الفهرس
  • عدد النتائج:

بيت عنترة أن يكون في كان ضمير الشأن. فأما في الآية ، فقال ابن عطية : تفسير الأمر والشأن لا يكون بجملة فيها محذوف. قال ابن عطية : ويتجه عندي أن تكون ما مفعولة ، إذا قدرنا كان تامة ، أي أن الله تعالى يختار كل كائن ، ولا يكون شيء إلا بإذنه. وقوله : (لَهُمُ الْخِيَرَةُ) : جملة مستأنفة معناها : تعديد النعمة عليهم في اختيار الله لهم ، لو قبلوا وفهموا. انتهى. يعني : والله أعلم خيرة الله لهم ، أي لمصلحتهم. والخيرة من التخير ، كالطيرة من التطير ، يستعملان بمعنى المصدر ؛ والجمل التي بعد هذا تقدم الكلام عليها. والحمد في الآخرة قولهم : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) (١) ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ) (٢) ، (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (٣) ، والتحميد هنالك على سبيل اللذة ، لا التكليف. وفي الحديث : «يلهمون التسبيح والتقديس». وقرأ ابن محيصن : ما تكن ، بفتح التاء وضم الكاف.

(وَلَهُ الْحُكْمُ) : أي القضاء بين عباده والفصل. و (أَرَأَيْتُمْ) : بمعنى أخبروني ، وقد يسلط على الليل (أَرَأَيْتُمْ) و (جَعَلَ) ، إذ كل منهما يقتضيه ، فأعمل الثاني. وجملة أرأيتم الثانية هي جملة الاستفهام ، والعائد على الليل محذوف تقديره : من إله غير الله يأتيكم بضياء بعده ، ولا يلزم في باب التنازع أن يستوي المتنازعان في جهة التعدي مطلقا ، بل قد يختلف الطلب ، فيطلبه هذا على جهة الفاعلية ، وهذا على جهة المفعولية ، وهذا على جهة المفعول ، وهذا على جهة الظرف. وكذلك أرأيتم ثاني مفعولية جملة استفهامية غالبا ، وثاني جعل إن كانت بمعنى صير لا يكون استفهاما ، وإن كانت بمعنى خلق وأوجد وانتصب ما بعد مفعولها ، كان ذلك المنتصب حالا. و (سَرْمَداً) ، قيل : من السرمد ، فميمه زائدة ، ووزنه فعمل ، ولا يزاد وسطا ولا آخرا بقياس ، وإنما هي ألفاظ تحفظ مذكورة في علم التصريف. وأتى (بِضِياءٍ) ، وهو نور الشمس ، ولم يجيء التركيب بنهار يتصرفون فيه ، كما جاء (بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) ، لأن منافع الضياء متكاثرة ، ليس التصرف في المعاش وحده ، والظلام ليس بتلك المنزلة ، ومن ثم قرن بالضياء. (أَفَلا تَسْمَعُونَ)؟ لأن السمع يدرك ما يدركه البصر من ذكر منافعه ووصف فوائده ، وقرن بالليل. (أَفَلا تُبْصِرُونَ)؟ لأن غيرك يبصر من منفعة الظلام ما تبصره أنت من السكون ونحوه ، قال الزمخشري. و (مِنْ رَحْمَتِهِ) ، من هنا للسبب ، أي وبسبب رحمته إياكم ، (جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) ، ثم علل

__________________

(١) سورة فاطر : ٣٥ / ٣٤.

(٢) سورة الزمر : ٣٩ / ٧٤.

(٣) سورة الفاتحة : ١ / ٢.