وأخبرني أنه أنشد بمجلس بعض مشايخ القاهرة قول جده :
كيف أسلو عنك أو أخلو وقد |
| صرت جثمانا وفيه أنت روح |
لا ترح عني وترضي عاذلي |
| أنت روحي كيف أرضى أن تروح |
فصرخ الشيخ في المجلس صرخة ، ثم حمل إلى بيته فتعلل أياما ومات. ومما كتبت له من كلماته الدرية وعبرات عبراته اللؤلؤية ما هو من شرط كتابي هذا قوله :
يا لنهر لاعبت أمواجه |
| نسمات الريح في اليوم الأغر |
فاكتست من أخضر الديباج ما |
| كللته الشمس من باهي الدرر |
ا ه. ولم يذكر تاريخ وفاته لكنها في أوائل هذا القرن.
٩٤٨ ـ سرور بن الحسين الشاعر المتوفى في حدود العشرين
سرور بن الحسين بن سنين الحلبي الشاعر المشهور.
كان أحد أفراد الزمان في النظم ، وله شعر بديع الصنعة مليح الأسلوب مفرغ في قالب الحسن والجودة. ولما فارق وطنه بحلب وسارع إلى طرابلس الشام لمدح أمرائها بني سيفا ، والأمير محمد بينهم إذ ذاك مقصد كل شاعر وممدوح كل ناطق ، أكرم مثواه وأحسن قراه ، فبغضه شعراء الأمير الموجودون عنده والمقربون إليه ، وذلك لإقبال الأمير عليه وركبوا كل صعب وذلول في سبه ، حتى خاطب الأمير حسين بن الجزري الآتي ذكره بقوله معرضا بسرور :
وحقك ما تركتك عن ملال |
| وبغض أيها المولى الأمير |
ولكن مذ ألفت الحزن قدما |
| أنفت مواطنا فيها سرور |
ولم يزل في تلك الغربة إلى أن قضى ما قضى وطره ، ومدائحه في بني سيفا غاية ، ومن جيدها قصيدته الرائية التي قالها في مدح الأمير محمد ومستهلها :
خلا ربع أنسي بعدكم فهو مقفر |
| وأعوزني حتى البكا والتصبّر |
وقد كنت عما يسهر العين غافلا |
| فعلمني حبيكم كيف أسهر |
ووالله ربي ما تغيرت بعدكم |
| وإن رابكم جسماني المتغيّر |