• الفهرس
  • عدد النتائج:

رجعت عن هذا العزم وهذه النية ، وأبرم عليه أن يدخل إلى عنده فأبى ، ورجع الشيخ رضي‌الله‌عنه إلى مكانه ، وصار الشيخ خالد يعتقده ويزوره ويلتمس الدعاء منه.

ونظير هذه الحكاية ما حكاه لي الشيخ عبد القادر بن الحجار أنه كان في هذه الديار رجل عالم كبير شافعي المذهب ومفتي الشافعية يقال له الشيخ إبراهيم العمادي (المتوفى سنة ٩٥٤) ، وكان في جواره رجل من المشايخ يقال له الشيخ محمد الخاتوني ، وكان يقيم حلقة الذكر مع الفقراء بالأصوات العالية ، وكان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، وكان الشيخ إبراهيم العمادي دائما يطعن فيه وينكر عليه كإنكار الشيخ خالد على الشيخ أبي بكر ، فاتفق أن وقعت حادثة سؤال علمي في بلاد الشام ، ووقع الاختلاف بين علمائها في الجواب عنها ، ثم اختاروا أن يرسلوا إلى الشيخ إبراهيم العمادي من الشام إلى حلب هذا السؤال في كتاب حتى ينظروا بماذا يجيب ، فلما وصل الرسول إليه بالمسألة أخذها وتأمل فيها مليا ، فخطر في باله أنها مذكورة عنده في أحد كتبه ، وكان عنده كتب كثيرة نحو ألف مجلد ، فجعل يفتش ويقلب الكتب يمينا وشمالا ولم يظفر به مدة أيام والرسول يلح عليه في الجواب ليذهب به إلى الشام ، فبينما هو متحير ذات يوم إذا بالشيخ الخاتوني داخل عليه ولم يكن بينهما اجتماع واقع قط ، فتلقاه الشيخ إبراهيم العمادي متعجبا مترحبا به ، فجلس الشيخ الخاتوني في عتبة المكان ، فقال له الشيخ إبراهيم : يا سيدي ، اطلع إلى فوق المكان ، فأبى إلا الجلوس في العتبة وقال : إني جئت إليك لتفتح لي فالا في أحد الكتب ، فقال له الشيخ إبراهيم : انظر إلى ما تريد من الكتب ، فنظر إلى جانب من جوانب الكتب وقال له : أنزل هذا الكتاب ، فأنزله الشيخ إبراهيم ، فأخذه الشيخ الخاتوني وقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، وفتحه وناوله وقال له : اقرأ ، فنظر الشيخ إبراهيم المسألة وجوابها في هذا المحل الذي فتحه الشيخ الخاتوني ، فتعجب الشيخ إبراهيم من ذلك واعتقد على الشيخ الخاتوني من ذلك الوقت وصار يزوره ويسأله الدعاء. ا ه.

أقول : وفيما نقلناه كفاية إذ ليس هنا موضع استقصاء أحوال المترجم وذكر جميع مناقبه لأنها كما قلنا أفردت بالتآليف.

بقي شيء يجدر أن نذكره هنا وهو أنه قد كثر في زمننا منكرو كرامات الأولياء وما يخبر به هؤلاء المجاذيب من الأمور الغيبية ، إذ لا يرون وراء المحسوس شيئا ، ويعتقدون أن خرق النواميس الطبيعية من الأمور المستحيلة. ولو أنصف هؤلاء لما ذهبوا إلى القول