• الفهرس
  • عدد النتائج:

أنا كنت في ضيق لأنني كنت مشتغلا عن العلم بالأحكام. فلما وصل توقيع ابن الخرزي بالقضاء فرح فرحا زائدا. وأنشدني القاضي عماد الدين قاضي سرمين في عزله :

إني وإن فهمت في الدنيا بحبكم

وبت من كل واش غير محترز

فالرب يعلم في سري وفي علني

أني عن الدر لا أعتاض بالخرزي

ومدحه الشيخ خاطر فقال :

يا سيدا نال في العلياء منزلة

سمت على فلك العلياء عن زحل

لا تطلبنّ المعالي يا ابن بجدتها

فأنت من قبل تطلاب العلاء علي

وله فيه :

أقول لأقوام رووا جود حاتم

وفضل ابن إدريس وقوم تقدموا

لئن شرعا للفضل والجود مذهبا

فبابن خطيب الناصرية تختم

وله :

لئن فخرت بالسبق طيء بحاتم

وطالت به في الملتين كرامها

فبابن خطيب الناصرية أصبحت

على هامة الجوزاء تبنى خيامها

وما ضر خير المرسلين جميعهم

إذا سبقته الرسل وهو ختامها

ثم حضر ابن الخرزي إلى حلب بسرعة في أثناء شهر صفر من سنة ثلاث وأربعين ولبس تشريفه وسكن ببيت ابن سلار بالجلّوم ، فبلغ ذلك شيخنا فهم بالسلام عليه وأن يرسل له شيئا من الهدية ، فجاء إليه من أشار عليه أولا بما تقدم ومنعه من ذلك ، فأقام القاضي الجديد بحلب وأقام شيخنا ملازما بيته للأشغال والاشتغال. وكان مكبا على ذلك محبا للعلم وأهله وأذكر لك صفة اشتغاله ، كان يخرج من بيته إلى بيت الكتب من ثلث الليل الأخير فيطالع إلى صلاة الصبح ، ثم يصلي الصبح ثم يشتغل حتى يضحي النهار ، فيفتح عليه الباب للقضاء بين الناس فتدخل عليه الفتاوي والأوراق فيكتب على الفتاوي والأوراق ، فإذا فرغ من ذلك أقبل على المطالعة ، فإن جاء أحد يحدثه يجده يطالع فلا يتكلم معه إلا كلمة أو كلمتين ، ثم يقبل على المطالعة فإذا قرب الظهر أغلق الباب وأقبل على المطالعة حتى يدخل وقت العصر ، فيصلي العصر ثم يجيء إلى المدرسة الشرفية إلى عند