• الفهرس
  • عدد النتائج:
  • القسم الأول

  • القسم الثاني

  • القسم الثالث

  • وقد ذكر شيخنا المسألة في «البغية» ، ولكنّه لم يشر إلى ما كان واقعا من القصّة ، وامتحنت شاعريّته في حضرة الشّريف عبد الله (١) بمكّة المشرّفة ، فخرج كما يخرج الذّهب التبر من كير الصّائغ ؛ إذ أنشأ في المجلس من لسان القلم أكثر ممّا اقترحوه عليه.

    وفي «ديوانه» عدّة قصائد بهيئة الأرتقيّات (٢) في مديح خديوي مصر الجليل توفيق باشا (٣) ، وزعم جامعو «ديوانه» أنّه لم يقدّمها إليه ، وأنا لا أصدّق ذلك ؛ لخروجه عن الطّبيعة الغالبة ؛ إذ قلّما ينجز الشّاعر قصيدته إلّا كانت في صدره ولولة لا تهدأ إلّا بإظهارها ، فالظّاهر أنّه قدّمها ولكنّها لم تحظ بالقبول ، وقد قيل لأرسطو : إنّ أهل أنطاكيّة لم يقبلوا كلامك .. قال : لا يهمّني قبولهم ، وإنّما يهمّني أن يكون صوابا.

    وللعلّامة ابن شهاب أسوة بسابقيه من الفحول ، فقد اقشعرّ بطن مصر بأراكين القريض ؛ كحبيب وأبي عبادة ، ولم ينج المتنبّي إلّا بجريعة الذّقن حسبما قرّرته في «النّجم المضي».

    __________________

    وكون صحاب الشافعي يذكرونه

    فذلك للاستظهار منهم بلا نكر

    نظير الذي قالوه في صاع فطرة

    ووسق زكاة للبراءة من خسر

    فقد ذكروا الميزان لكن مدارهم

    على الكيل فاطلب ما هنالك واستقر

    ومما يقوّي ما ذكرناه : نصّهم

    على الوزن بالتقريب خليك عن ذكر

    وما جاوز التحديد في قدر أذرع

    وهذا دليل الاعتبار لها فادر

    وحاصله : أن التّخالف إن يكن

    فيرضى بتحكيم المساحة في الطّهر

    هذا ما كتبه الشيخ عبد الله الناخبي ، في كراس له ، كتبه سنة (١٣٤٧ ه‍) ، أي قبل (٧٥) سنة من اليوم ، أطال الله عمره ، وأمتع به في خير وعافية.

    (١) يعني به : الشريف عبد الله بن الحسين بن علي الحسني الهاشمي (١٢٩٩ ـ ١٣٧٠ ه‍) ، ولد بمكة ، وصار نائبا عن أبيه سنة (١٣٢٦ ه‍) ، وفي عام (١٣٦٥ ه‍) أقيم ملكا على الأردن ، ومات سنة (١٣٧٠ ه‍). «الأعلام» (٤ / ٨٢).

    (٢) جمع أرتقيّة ؛ وهي القصائد التي تبتدىء أبياتها وتنتهي بحرف واحد ، وأول من ابتكرها صفي الدين الحلي عبد العزيز بن سرايا (ت ٧٥٠ ه‍) في مدح ملوك الدولة الأرتقية بالشام.

    (٣) هو خديوي مصر محمد توفيق باشا ابن الخديوي إسماعيل بن إبراهيم باشا ابن محمد علي باشا ، سادس ملوك مصر ، ولد سنة (١٢٦٩ ه‍) ، ومات في (٦) جمادى الثانية (١٣٠٩ ه‍) في حلوان.

    «الأعلام الشرقية» (١ / ٣٩).