(٤)
زينب تخاطب الليل
تشبُّ بقلبي نارُ وجدي وتُضرمُ |
| لذكراكَ يا ليلَ الوداعِ متيّمُ |
وهيهات أن أسلو مصائب كربلا |
| وتلك بَكاها قبلُ طه المكرّمُ |
فما زلت في بحرٍ من الحزن والشّجا |
| أعومُ وطرفي بالكرى لا يهوّمُ |
مدى العمر لا أنسى عقيلةَ حيدرٍ |
| عشيّةَ أمست والقضاءُ مخيّمُ |
تودّع أهليها الكرامَ وتنثني |
| مع اللّيل من فرط الأسى تتكلّمُ |
تقول له يا ليلُ رفقاً بحالنا |
| فأنت بنا من شمس صبحكَ أرحمُ |
بربّك لا تُبدي الصّباحَ فإنّه |
| صباحٌ به جيشُ الضلالةِ يهجمُ |
أطلْ يا رعاكَ اللهُ وقتَكَ أن تجد |
| طريقاً ولا تخفى لجوّك أنجمُ |
أطلْ لوداع الطّاهراتِ حماتِها |
| فصُبحكَ فيه منهمُ يُهرقُ الدّمُ |
أنا زينبُ الكبرى سليلةُ أحمدٍ |
| وهذا حسينٌ والزّمانُ محرّمُ |
وهذي جيوشُ الظالمينَ تراكمت |
| علينا فهل فيما يُريدونَ تعلمُ |
يُريدونَ قتلَ ابن النبي وصحبهِ |
| وإنّك تدري مَنْ حسينٌ وَمَنْ همُ |
أطالت مع اللّيل الحديث من الأسى |
| وأجفانُها كالمُزنِ تهمي وتسجمُ |
فلو فَهِمَ اللّيلُ البهيمُ كلامَها |
| لرقَّ لها لكنّه ليس يفهمُ |
ولو كان ذا حسٍّ ويعرفُ قدْرَها |
| أجاب نداها لكن اللّيلُ أبكمُ |
تُخاطِبُه في أن يُطيلَ ظلامَه |
| عليها وما للّيلٍ أُذنٌ ولا فمُ |