• الفهرس
  • عدد النتائج:

٥٥٢ ـ ثلاثة تشرق الدّنيا ببهجتها

شمس الضّحى وأبو إسحاق والقمر

وهذا ما ذكره السّلف الذين أعربوا «سبحان الله» مبتدأ ، ولم يرتضه من وجّه سمعه من أهل عصرنا بمثل ما أسمعتك ، وأستغفر الله من شغلي سمعك بمثله ، ولو لا ما فيه من كون محطّ الفائدة فيه يكون باعتبار وصف الخبر كما أسلفته في الجواب لكان أولى من جعل «كلمتان» مبتدأ ، وعسى أن يكون رجوعي عنه أولى ، لأنّ مراعاة مثل هذه النكتة البلاغية هو الظاهر من تقديم الخبر حينئذ ، فلا يعدل عنه بعد ظهور بطلان انحصار محطّ الفائدة في «سبحان الله» ، وبهذا تمّ ما يتعلّق بالحديث ، بقي أنّه وقع لي نفي كون «سبحان الله» إذا أريد لفظه معرفة ، لأنّ المعارف أنواعها محصورة ، وليس هو منها كما هو مسطور في أصل جوابي ، فارجع إليه.

ثم قلت : فإن ادّعي أنّه يكون من قبيل العلم بناء على أنّ كل لفظ وضع ليدل على نفسه كما وضع ليدل على غيره ، فليعلم أنّه على تقدير صحّة هذه الدعوى لم يعط لهذا الوضع حكم الوضع لغيره ، ولذا صرّح بأنّه لا يصير كل لفظ مشتركا وهو لازم من وضع كل لفظ ليدل على نفسه ووضع ليدل على غيره ، فاعترض ذلك الأخ بأنّه من قبيل العلم ، قال الرضي : «وهو عندهم من قبيل المنقول لأنّه نقل من مدلول هو معنى إلى مدلول هو اللفظ» ، ولا يخفى عليك أنّ حاصل هذا الاعتراض لم يزد على نسبة ما ذكرت أنّه ممّا يقال ، ولم أرضه إلى بعض النحاة أنّه قال ، وخفي عليه أنّي أنقله عن خلق ، غير أنّ لي فيه بحثا مكتتبا من نحو عشرين سنة مع القائلين به فبناء عليه ذكرت ما ذكرت.

وحاصل ذكر البحث كتبته عند نقل المحققين قول ابن الحاجب في (المنتهى) : «أكثر ما يطلق اللفظ على مدلول مغاير ، وقد يطلق والمراد اللفظ ، نحو : زيد مبتدأ وزي دلأنهم لو وضعوا له أدّى إلى التسلسل ، ولو سلم فنفسه أولى ، يعني لو سلم أن لا يلزم لو وضعوا له ، فإذا أمكن أن يطلق ويراد به نفسه كان أولى» انتهى.

وذكر هنا أنّه موضوع فخلق لي فيه هذا ، وهو أنّ الحاجة هنا ليست إلّا إلى مجرد التعبير عن اللفظ وقد حصل بنفسه ، فإذا أمكن بطريق المجاز كان أولى ، لأنّه بطريق الوضع يثبت به معنى الاشتراك ، والمجاز خير منه ، ويتأنس هذا بأنّا إذا قلنا : زيد كذا وكذا فقيل ذلك الخبر يتبادر إرادة معنى غير لفظ إلى أن يذكر المسند فيرى غير صالح إلّا للفظ فيحكم به حينئذ للقرينة الملازمة للمسند ، فتبادر معنى

__________________

٥٥٢ ـ الشاهد لمحمد بن وهيب في الأغاني (١٩ / ٧٩) ، وبلا نسبة في تاج العروس (شرق).