• الفهرس
  • عدد النتائج:

فأجيب بأن قيل له : أبديت عوارك لمناظرك وأبرزت مقاتلك لسهام مناضلك ، إنّ هذه اللفظة تروى على أوجه مختلفة وجميعها يرجع إلى أصل واحد وعدة أوجهها أربعة :

يروى : من جمع مالا من مهاوش بالميم ، وهذه هي المشهورة عند العلماء باللغة ، ويروى من تهاوش بالتاء وكسر الواو وقد صححوه أيضا ، ويروى من تهاوش بالتاء وضمّ الواو ، وهو صحيح أيضا ، ويروى من نهاوش بالنون وكسر الواو ، وهذه هي التي أنكرها أهل اللغة ولم يثبتوا صحّتها ، والظاهر من كلامهم أنّها من غلط الرواة ، وجميع ذلك على اختلاف الرواية فيه يرجع إلى أصل واحد وهو الهوش الذي هو الاختلاط ، فليس الإشكال في نهاوش من جهة تفسيرها كما ظننته ولا من جهة كونها جمعا لواحد لم ينطق به ، ألا ترى أنّ مهاوش ونهاوش هما بمعنى الاختلاط ، وكلاهما جمع لم يستعمل واحده؟ وإنّما المشكل في هذه اللفظة هل هي صحيحة في الاستعمال معروفة عند أهل اللغة أو هي على خلاف ذلك؟ فهذا الذي كان حقك أن تبيّنه وتثبت صحته ، وإذا صح فسرت حقيقة معناها واشتقاقها ، وبينت هل هي جمع أو مفرد وما الزائد منها وما الأصل ، فأمّا قولك في نهابر : إنه مشتق من الهبر وهو القطع المتدارك فليس ذلك بالمعروف عند أهل اللغة ، وإنما هو مستعار من النّهابر والنّهابير وهي تلال الرمل المشرفة ، فسمّيت المهالك نهابر من ذلك ، ولذلك قال عمرو بن العاص لعثمان بن عفان رحمه الله : «إنّك ركبت بهذه الأمة نهابر من الأمور فتب عنها» أراد أنّك ركبت بهذه الأمة أمورا شاقة مهلكة بمنزلة من كلّفهم ركوب التلال من الرمل ، لأنّ المشي في الرمل يشقّ على من ركبه ، وقولك : «إن واحد النهابر نهبر وإن لم ينطق به» ليس بصحيح ، بل الصحيح أن واحدها نهبور على ما ذكره أهل اللغة ، لأنّهم جعلوا النّهابر التي هي المهالك مستعارة من النّهابر التي هي الرمال المشرفة وواحدها نهبور ، وأسأت العبارة بقولك : «لا يعرف جهات حلّها وحرمتها» ، وكان الصواب أن تقول : وحرمها ، لأنه يقال : حلّ وحلال وحرم وحرام ، وأخطأت أيضا في تنظيرك نهاوش في كونها جمعا لواحد لم ينطق به بقولهم : ملامح وأباطيل ، وكان حقك أن تنظرها بعباديد ونحوها ممّا لم ينطق له بواحد من لفظه ولا من غير لفظه ، ألا ترى أنّ ملامح لها واحد مستعمل من لفظها وهو لمحة ، وكذلك أباطيل واحده المستعمل باطل ، وكذلك مشابه واحده المستعمل مشبه ، وإن كنّا نقدّر أنّ واحد الجموع من جهة القياس ليس هو هذا المستعمل ، إلّا أنّه وإن كان الأمر على ذلك فلا بدّ أن يقال : إنّ هذه الآحاد لهذه الجموع وإنّ هذه الجموع لهذه الآحاد من جهة الاستعمال ، ألا ترى أنّ أبا عليّ الفارسيّ قال في كتابه العضدي : «هذا باب ما