• الفهرس
  • عدد النتائج:

السرور ببيان الله براءة عائشة وطهارتها ولما عرفوا من الحكم في القاذف وقوله تعالى (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ) يعنى والله أعلم عقاب ما اكتسب من الإثم على قدر ما اكتسبه وقوله تعالى (وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ) روى أنه عبد الله بن أبى بن سلول وكان منافقا وكبره هو عظمه وإن عظم ما كان فيه لأنهم كانوا يجتمعون عنده وبرأيه وأمره كانوا يشيعون ذلك ويظهرونه وكان هو يقصد بذلك أذى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأذى أبى بكر والطعن عليهما قوله تعالى (لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ) هو أمر المؤمنين بأن يظنوا خيرا بمن كان ظاهره العدالة وبراءة الساحة وأن لا يقضوا عليهم بالظن وذلك لأن الذين قذفوا عائشة لم يخبروا عن معاينة وإنما قذفوها تظننا وحسبانا لما رأوها متخلفة عن الجيش قد ركبت جمل صفوان ابن المعطل يقوده وهذا يدل على أن الواجب لمن كان ظاهره العدالة أن يظن به خيرا ولا يقوم مستبشرا وهو يوجب أن يكون أمور المسلمين في عقودهم وأفعالهم وسائر تصرفهم محمولة على الصحة والجواز وأنه غير جائز حملها على الفساد وعلى ما لا يجوز فعله بالظن والحسبان ولذلك قال أصحابنا فيمن وجد مع امرأة أجنبية رجلا فاعترفا بالتزويج أنه لا يجوز تكذيبهما بل يجب تصديقهما وزعم مالك بن أنس أنه يحدهما إن لم يقيما بينة على النكاح ومن ذلك أيضا ما قال أصحابنا فيمن باع درهما ودينارا بدرهمين ودينارين أنا نخالف بينهما لأنا قد أمرنا بحسن الظن بالمؤمنين وحمل أمورهم على ما يجوز فوجب حمله على ما يجوز وهو المخالفة بينهما كذلك إذا باعه سيفا محلى فيه مائة درهم بمائتي درهم إنا نجعل المائة بالمائة والفضل بالسيف فنحمل أمرهما على أنهما تعاقدا عقدا جائزا ولا نحمله على الفساد وما لا يجوز وهذا يدل أيضا على صحة قول أبى حنيفة في أن المسلمين عدول ما لم تظهر منهم ريبة لأنا إذا كنا مأمورين بحسن الظن بالمسلمين وتكذيب من قذفهم على جهة الظن والتخمين بما يسقط العدالة فقد أمرنا بموالاتهم والحكم لهم بالعدالة بظاهر حالهم وذلك يوجب التزكية وقبول الشهادة ما لم تظهر منهم ريبة توجب التوقف عنها أوردها وقال تعالى (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إياكم والظن فإنه أكذب الحديث وقوله [ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهن خيرا] فإنه يحتمل معنيين أحدهما أن يظن بعضهم ببعض خيرا كقوله (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) والمعنى

«١١ ـ احكام مس»