• الفهرس
  • عدد النتائج:

أبى لك كسب الحمد رأي مقصّر

ونفس أضاق الله بالخير باعها

إذا هي حثّته على الخير مرّة

عصاها ، وإن همّت بشرّ أطاعها

فلو عكس لأصاب.

وقد تستعمل «إن» في مقام القطع بوقوع الشرط لنكتة.

كالتجاهل : لاستدعاء المقام إيّاه.

وكعدم جزم المخاطب ، كقولك لمن يكذبك فيم تخبر : إن صدقت فقل لي ما ذا تفعل؟

وكتنزيله منزلة الجاهل ؛ لعدم جريه على موجب العلم ، كما تقول لمن يؤذي أباه : إن كان أباك فلا تؤذه.

وكالتوبيخ على الشرط ، وتصوير أن المقام ـ لاشتماله على ما يقلعه عن أصله ـ لا يصحّ إلا لفرضه كما يفرض الحال لغرض ، كقوله تعالى : (أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) [الزّخرف : الآية ٥] فيمن قرأ «إن» بالكسر ؛ لقصد التوبيخ ، والتجهيل في ارتكاب الإسراف ، وتصوير أن الإسراف من العاقل في هذا المقام واجب الانتفاء ؛ حقيق أن لا يكون ثبوته له إلا على مجرد الفرض.

وكتغليب غير المتّصف بالشرط على المتّصف به ، ومجيء قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) [البقرة : الآية ٢٣] بـ «إن» يحتمل أن يكون لتغليب غير المرتابين منهم ؛ فإنه كان فيهم من يعرف الحق ، وإنما ينكر عنادا ، وكذلك قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ) [الحجّ : الآية ٥].

والتغليب باب واسع يجري في فنون كثيرة ، كقوله تعالى : (لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) [الأعراف : الآية ٨٨] أدخل شعيب عليه السّلام في (لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا) بحكم التغليب ؛ إذ لم يكن شعيب في ملتهم أصلا ، ومثله قوله تعالى : (إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) [الأعراف : الآية ٨٩] ، وكقوله تعالى : (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [التّحريم : الآية ١٢] عدّت الأنثى من الذكور بحكم التغليب ، وكقوله تعالى : (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) [البقرة : الآية ٣٤] عدّ إبليس من الملائكة بحكم التغليب ، وكقوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) [النّمل : الآية ٥٥] بتاء الخطاب ، غلّب جانب «أنتم» على جانب «قوم» ، ومثله : (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النّمل : الآية ٩٣] فيمن قرأ بالتاء ، وكذا قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (٢١) [البقرة : الآية ٢١] غلّب المخاطبون في قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) على الغائبين في اللفظ ، والمعنى على إرادتهما جميعا ؛ لأن