تريد ؛ طلبت لأنفسها الألفاظ ، ولم تكتس إلا ما يليق بها ، فإن كان خلاف ذلك كان كما قال أبو الطيب
إذا لم تشاهد غير حسن شياتها |
| وأعضائها ؛ فالحسن عنك مغيّب (١) |
وقد يقع في كلام بعض المتأخرين ما حمل صاحبه فرط شغفه بأمور ترجع إلى ما له اسم في البديع على أن ينسى أنه يتكلم ليفهم ، ويقول ليبين ، ويخيّل إليه أنه إذا جمع عدّة من أقسام البديع في بيت ؛ فلا ضير أن يقع ما عناه في عمياء وأن يوقع السامع من طلبه في خبط عشواء.
هذا ما تيسر ـ بإذن الله تعالى ـ جمعه وتحريره من أصول الفن الثالث ، وبقيت أشياء يذكرها فيه بعض المصنفين.
١ ـ منها ما يتعين إهماله لأحد سببين :
لعدم دخوله فن البلاغة ، نحو ما يرجع في التحسين إلى الخط دون اللفظ مع أنه لا يخلو من التكلف ، ككون الكلمتين مماثلتين في الخط ، وكون الحروف منقوطة ، ونحو ما لا أثر له في التحسين ، كما يسمى الترديد.
أو لعدم جدواه ، نحو ما يوجد في كتب بعض المتأخرين مما هو داخل فيما ذكرناه ، كما سماه الإيضاح ؛ فإنه في الحقيقة راجع إلى الإطناب ، أو خلط فيه. كما سمّاه حسن البيان.
٢ ـ ومنها ما لا بأس بذكره ؛ لاشتماله على فائدة ، وهو شيئان :
أحدهما : القول في السرقات الشعرية ، وما يتصل بها.
والثاني : القول في الابتداء ، والتخلّص ، والانتهاء.
فعقدنا فيهما فصلين ختمنا بهما الكتاب.
الفصل الأول
القول في السرقات الشعرية وما يتصل بها
اعلم أن اتفاق القائلين إن كان في الغرض على العموم ـ كالوصف بالشجاعة ، والسخاء ، والبلادة ، والذكاء ـ فلا يعدّ سرقة ، ولا استعانة ، ولا نحوهما ؛ فإن هذه أمور
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو في ديوان المتنبي ٢ / ٢٣٠.