• الفهرس
  • عدد النتائج:

أما قول اليزيدي :

ملّكته حبلي ، ولكنّه

ألقاه من زهد على غاربي (١)

وقال : إنّي في الهوى كاذب

انتقم الله من الكاذب

فعدّه السكاكي رحمه الله من هذا الضرب ، وحمله الشيخ عبد القاهر رحمه الله على الاستئناف بتقدير «قلت».

الثاني : أن لا يكون بين الجملتين جامع كما سيأتي.

وأما كمال الاتصال فيكون لأمور ثلاثة :

الأول : أن تكون الثانية مؤكّدة للأولى ، والمقتضي للتأكيد دفع توهّم التجوّز والغلط ، وهو قسمان :

أحدهما : أن تنزّل الثانية من الأولى منزلة التأكيد المعنوي من متبوعه في إفادة التقرير مع الاختلاف في المعنى ، كقوله تعالى : (الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢) [البقرة : الآيتان ١ ، ٢] فإنّ وزان «لا ريب فيه» في الآية وزان «نفسه» في قولك : «جاءني الخليفة نفسه» فإنه لما بولغ في وصف الكتاب ببلوغه الدرجة القصوى من الكمال ، بجعل المبتدأ «ذلك» وتعريف الخبر باللام ؛ كان عند السامع قبل أن يتأمله مظنّة أنه مما يرمى به جزافا من غير تحقّق ، فأتبع «لا ريب فيه» نفيا لذلك ، إتباع «الخليفة نفسه» إزالة لما عسى أن يتوهّم السامع أنك في قولك : «جاءني الخليفة» متجوّز أو ساه.

وكذا قوله : (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) [لقمان : الآية ٧] الثاني مقرّر لما أفاده الأول.

وكذا قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) [البقرة : الآية ١٤] لأن قوله : (إِنَّا مَعَكُمْ) [البقرة : الآية ١٤] معناه الثبات على اليهودية ، وقوله : (إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) [البقرة : الآية ١٤] ردّ للإسلام ، ودفع له منهم ؛ لأن المستهزىء بالشيء المستخفّ به منكر له ، ودافع له لكونه غير معتدّ به ، ودفع نقيض الشيء تأكيد لثباته ، ويحتمل الاستئناف ، أي : فما بالكم ـ إن صحّ أنكم معنا ـ توافقون أصحاب محمد (صلّى الله عليه وسلّم)؟.

وثانيهما : أن تنزّل الثانية من الأولى منزلة التأكيد اللفظي من متبوعه في اتحاد المعنى ، كقوله تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) (٢) [البقرة : الآية ٢] فإن (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : الآية ٢] معناه : أنه في الهداية بالغ درجة لا يدرك كنهها ، حتى

__________________

(١) البيتان من السريع ، ولم أجدهما في المصادر والمراجع التي بين يدي.