• الفهرس
  • عدد النتائج:

كان بعضه معطوفا على بعض بالواو غير موجب ترتيب المعنى على ترتيب اللفظ وقوله (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) قد دل على جواز ورود الأمر بذبح البقرة بقرة مجهولة غير معروفة ولا موصوفة ويكون المأمور مخيرا في ذبح أدنى ما يقع الإسم عليه وقد تنازع معناه الفريقان من نفاة العموم ومن مثبتيه واحتج به كل واحد من الفريقين لمذهبه فأما القائلون بالعموم فاحتجوا به من جهة وروده مطلقا فكان ذلك أمرا لازما في كل واحد من آحاد ما تناوله العموم وأنهم لما تعنتوا رسول الله عليه السلام في المراجعة مرة بعد أخرى شدد الله عليهم التكليف وذمهم على مراجعته بقوله (فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وروى الحسن أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال (والذي نفس محمد بيده لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لأجزت عنهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم) وروى نحو ذلك عن ابن عباس وعبيدة وأبى العالية والحسن ومجاهد واحتج من أبى القول بالعموم بأن الله تعالى لم يعنفهم على المراجعة بدأ ولو كان قد لزمهم تنفيذ ذلك على ما ادعيتموه من اقتضاء عموم اللفظ لورد النكير في بدء المراجعة وهذا ليس بشيء لأن النكير ظاهر عليهم في اللفظ من وجهين أحدهما تغليظ المحنة عليهم وهذا ضرب من النكير كما قال الله تعالى (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) والثاني قوله (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) وهذا يدل على أنهم كانوا تاركين للأمر بدا وأنه كان عليهم المسارعة إلى فعله فقد حصلت الآية على معان أحدها وجوب اعتبار عموم اللفظ فيما يمكن استعماله والثاني أن الأمر على الفور وأن على المأمور المسارعة إلى فعله على حسب الإمكان حتى تقوم الدلالة على جواز التأخير والثالث جواز ورود الأمر بشيء مجهول الصفة مع تخيير المأمور في فعل ما يقع الإسم عليه منه والرابع وجوب الأمر وأنه لا يصار إلى الندب إلا بدلالة إذ لم يلحقهم الذم إلا بترك الأمر المطلق من غير ذكر وعيد والخامس جواز النسخ قبل وقوع الفعل بعد التمكن منه وذلك أن زيادة هذه الصفات في البقرة كل منها قد نسخ ما قبلها لأن قوله تعالى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة اقتضى ذبح بقرة أيها كانت وعلى أى وجه شاءوا وقد كانوا متمكنين من ذلك فلما قالوا (ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) فقال (إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) نسخ التخيير الذي أوجبه الأمر الأول في ذبح البقرة الموصوفة بهذه الصفة وذبح غيرها وقصروا على ما كان منها بهذه الصفة وقيل