فيه التأويل فواجب أن لا يعمل عليه وأن يوقف عنده» (١). وهذا ما ذهب إليه ابن سنان من قبل ، بل إنّ حازم القرطاجنى ذكر أمثلته وتعليقه عليها.
الثانى : قبوله مطلقا ، وكان القاضى الجرجانى قد وقف عند قول المتنبى :
وعذلت أهل العشق حتى ذقته |
| فعجبت كيف يموت من لا يعشق |
وذكر أنّ بعض من يحتج عن المتنبى أخرجه مخرج القلب ، وهو كثير يقبله مطلقا أو يرفضه مطلقا (٢). ولعل السكاكى كان أوضح البلاغيين وأصرحهم فى هذه المسألة فقبل القلب مطلقا وقال : «إنّ هذا النمط مسمى فيما بيننا بالقلب ، وهى شعبة من الإخراج لا على مقتضى الظاهر ، ولها شيوع فى التراكيب ، وهى مما يورث الكلام ملاحة ولا يشجع عليها إلّا كمال البلاغة تأتى فى الكلام وفى الأشعار» (٣).
ومثل له بقول القطامى :
فلّما أن جرى سمن عليها |
| كما طينّت بالفدن السياعا (٤) |
أراد : كما طينت الفدن بالسياع. ولم ير السبكى فى هذا القلب معنى لطيفا (٥). وأدخل السكاكى فى القلب قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا)(٦) أى : جاءها بأسنا فأهلكناها. وقوله تعالى : (ثُمَّ دَنا
__________________
(١) منهاج البلغاء ص ١٨٤ ، وتنظر ص ٣٩١ ، والبرهان فى علوم القرآن ج ٣ ص ٢٨٨.
(٢) ينظر الوساطة ص ٤٦٩.
(٣) مفتاح العلوم ص ١٠١.
(٤) الفدن : القصر المشيد. السياع : الطين بالتبن.
(٥) عروس الأفراح ـ شروح التلخيص ج ١ ص ٤٩٠.
(٦) الأعراف ٤.