• الفهرس
  • عدد النتائج:

وأسماء الاستفهام على الوجوه الثلاثة مبتدءان ، وخبرهما على الأوّل ذا مع صلته ، وهو مبنيّ على مذهب سيبويه ، كما تقدّم ، وعلى الثاني والثالث الجملة الفعلية ، إلا «أنّ الجواب» عن كلّ من السؤالين «رفع مطلقا» ، أي سواء كانت ذا موصولة أو ملغاة أو مركّبة ، لأنّ جملة السؤال اسميّة على كلّ تقدير ، فيطابقها كذلك.

ولا يجوز النصب في أنّه يجوز أن يكون الجواب مرفوعا مع عدم المطابقة ، وذلك فيما إذا قدّرت ذا موصولا في أحد المثالين ، ورفع الجواب بتقدير الفعل المذكور في السؤال فلا تحصل المطابقة ، فينبغي أن يختار رفع الجواب على أنّه خبر مبتدأ محذوف لتحصل المطابقة ، وحكم البدل حكم الجواب.

تنبيهات : الأوّل : ما أجازه المصنّف من تركيب من وذا هو ظاهر كلام جماعة ، ومنع ذلك أبو البقاء في مواضع من إعرابه ، وثعلب في أماليه وغيرهما ، وخصّوا جواز ذلك بماذا ، لأنّ ما أكثر إبهاما ، فحسن أن تجعل مع غيرهما كشيء واحد ، ليكون ذلك أظهر لمعناها ، ولأنّ التركيب خلاف الأصل ، وإنّما دلّ عليه الدليل مع ما ، وهو قولهم : لمإذا جئت بإثبات الألف.

الثاني : إذا قدّر في ما ذا صنعت؟ ومن ذا رأيت؟ ضميرا وذكر لفظا فقيل : ماذا صنعته؟ ومن ذا رأيته؟ جاز في ذلك الأوجه الثلاثة أيضا ، إلا أنّه على تقديرها ملغاة أو مركّبة ، ولا يتعيّن كون اسمي الاستفهام مفعولين ، بل يحتمل أن يكونا مبتدأين ، وخبر كلّ منهما الجملة الاسميّة ، والعائد الضمير المقدّر أو الملفوظ ، وأن يكونا مفعولين لفعل محذوف على شريطة التفسير ، والأوّل أولى لسلامتة من الإضمار والحذف ، فيكون الجواب رفعا على المختار ليطابق السؤال.

الثالث : وقع لكثير من المحقّقين في تعليل كون ما ذا ومن ذا إذا ركّبا مفعولين مقدّمين أنّه إنّما قدّما للزومهما الصدر ، وبتضمينهما معنى الاستفهام ، وهذا بالنسبة إلى من ذا صحيح ، وأمّا إلى ما ذا ففيه نظر ، فقد ذهب بعضهم إلى أنّ ما ذا من بين أدوات الاستفهام لا يلزم صدريّتها ، وإنّها كذلك عند العرب. ونقل عن ابن المرحل المغربيّ (١) أنّه صنّف في ذلك مختصرا ذكر فيه شواهد لمجيئها غير صدر.

وقال ابن مالك في التوضيح لمشكلات الجامع الصغير (٢) ما نصّه في أقول ما ذا شاهد على أنّ ما الاستفهاميّة إذا ركّبت مع ذا تفارق وجوبها التصدير ، فيعمل فيها ما قبلها

__________________

(١) مالك بن عبد الرحمن المعروف بابن المرحل ، أديب ، من الشعرا ، ونعت بشاعر المغرب ، من كتبه : «العروض» و «أرجوزة في النحو» مات سنة ٦٩٩ ه‍ الأعلام للرزكي ، ٦ / ١٣٨.

(٢) الجامع الصغير في النحو لابن هشام النحويّ المتوفى سنة ٧٦٣. كشف الظنون ، ١ / ٥٦٤.